الى الاعلى
  • العلم أصل كل خير، الجهل أصل كل شر " الإمام علي (ع)"

التربية على المقاومة الحق والمشروعية


التقرير العلمي للملتقى التربوي رقم 8 للعام 2023

[التربية على المقاومة الحق والمشروعية]

 

نظّم مركز الأبحاث والدراسات التربوية الملتقى التربوي رقم 8 للعام 2023 وذلك مساء نهار الإثنين 27-11-2023 م، تحت عنوان [التربية على المقاومة الحق والمشروعية] (قدمه الدكتور يوسف أبو خليل).

  • المداخلة رقم 1: حق المقاومة ومشروعيتها (د. عمر نشابة /لبنان)

  • المداخلة رقم 2: التربية على المقاومة (د. تيسير الخطيب /لبنان)

 

 

بدأ الملتقى بمقدمة للدكتور يوسف أبو خليل قال فيها:

المقاومة حق فطري وإنساني وأخلاقي وقانوني، والتربية عليها هي حق أيضًا، وآفة مجتمعاتنا العربية والإسلامية هي غياب التربية عن هذا الحق، ولقد عملت الحكومات العربية والإسلامية واعتمد في القمة العربية التي عقدت في السودان في اعام 1967 م اللاءات الثلاث: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه. ولعلّ ما حلّ بأمّتنا من مشاكل حالية وأزمات تعود كلّها كنتيجة لغياب هذه التربية المبنية على الحق بالمقاومة، والحق بالسيادة، والحق بالدفاع عن الأوطان والأمّة.

ومن ناحية أخرى فالناظر إلى الغرب يجد أن فكرة المقاومة كانت أصلاً في الفكر الغربي الحديث، والتي لولاها لما تحقق لديهم كل هذه الإنجازات. فالديوقراطية مقاومة، والجمهورية مقاومة، والثورة الفرنسية على سبيل المثال قامت على فكرة المقاومة.

 

 

المداخلة رقم 1: حق المقاومة ومشروعيتها (د. عمر نشابة /لبنان)

المقاومة حق قانوني أصيل لدى جميع الشعوب العربية منها أو الغربية، فعلى سبيل المثال الجمهورية تُبنى على أساس المقاومة في فرنسا، فقيم الجمهورية فيها هي المقاومة، فشخصيًا طلبت من المدرسة التي يتعلم بها اولادي ان يعلموهم النشيد الوطني الفرنسي، فاستغربوا طلبي وقالوا لي بأنني وطني، فقلت لهم أطالب بهذا الأمر لأن النشيد الوطني الفرنسي يقول إلى السلاح إلى السلاح أيها المواطنون، السلاح مع الشعب بالنشيد الفرنسي وليس مع الجيش، وإثاراتي لهذا الموضوع لأؤكد حقنا بالمساواة ، فمساواةً بالمواطن الفرنسي الذي حقّه أن يقاوم بالسلاح، فحقّ الفلسطيني أيضًا أن يقاوم بقوة السلاح، وحق اللبناني أو أي شخص تحت الإحتلال ويعاني من الظلم أن يحمل السلاح ويقوم بمقاومة هذا الظلم.

 

أما بالنسبة لأنواع وسبل المقاومة، فعندما نتحدث عن كل السبل المتاحة فنحن نتحدث عن الكفاح المسلح وعن دعم الكفاح المسلح، ولكن نتحدث أيضًا عن المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية والتجارية والرياضية والثقافية، ونتحدث عن العصيان المدني، نتحدث عن المقاومة في وسائل الإعلام وفي المؤسسات التربوية وفي المؤسسات الاقتصادية، وطبعًا نتحدث عن ثقافة المقاومة، وهي الأساس، وهذا اللقاء الطيب الذي أشكركم عليه هو في الأساس لإحياء ثقافة المقاومة، فهذه الثقافة هي أقوى من كل القوانين ، وهي أفعل من كل السياسات، إذا بنينا هذه الثقافة ورسخناها في عقول أطفالنا والأجيال القادمة، هذا أقوى من السلاح برأيي، لأن هذا يصنع السلاح ويخدمه، فهذه الثقافة مرتبطة بالقيم في المجتمع، وتقدّم المبادىء على المصالح، نعم في المقاومة مصلحة طبعًا، ولكن أعتقد أن المبدأ يُفترَض أن يتقدّم دائمًا على المصلحة، لأن المبدأ هو الأساس الذي يتمظهر في السلوك وفي الحياة العملية، وبالتالي فالمصالح قد يتم التلاعب بها. لماذا نقدّم المبدأ على المصلحة؟ نقدّمها من أجل الإستمرارية، لأن المصلحة قد تكون اليوم شيء وغدًا شيء آخر، أما المبدأ فهو ثابت لا يتغيّر، وأنا أرى أن المبدأ لديه إرث وثبات، هذا المبدأ نفسه في كربلاء واليوم في غزة، نفس المبدأ وليست مسألة مصالح أو ظرف، هذا الثبات العظيم هو الذي نمرّ به اليوم والفلسطينيون والمقاومة في لبنان والمقاومة في اليمن وفي العراق وفي سوريا تتمسك دائمًا وتفكر بأنها مقاومات تنطلق من مبدأ وليس من ظرف أو من مصلحة.

 

النقطة الأخيرة المقاومة وأساسها هو التنظيم، هو هذا الإنضباط أمام قيادة المقاومة، وهذا هو سر نجاحها، في الفترة الأخيرة كان هناك مشاعر عفوية كثيرة في بلدنا وفي الكثير من البلدان تجاه المقاومة، وهي جيدة، وهي مشاعر مفيدة، ولكن أعتقد بأن الإنضباط هو أهم من ذلك، وسماحة السيد (حفظه الله) أوضح هذا الأمر في خطابه الأول والثاني بعد طوفان الأقصى، عبر التركيز على مسألة الإنضباط، وهذا أمر أساسي، فالبداية طبعًا أمر عفوي وأساسي، ولكن المقاومة على المدى الطويل ليست مجرد ردّة فعل عفوية، بل هي برنامج واستراتيجية وتحضير، ويجب أن تبتعد كل البعد عن أي مصالح شخصية وفئوية وضيقة، ويجب أن تبتعد عن العواطف، فالفرق بين التأثر وطبعًا نتأثر بالصور الإنسانية وغيرها، ولكن السلوك المقاوم لا يجب أن ينبني على هذا الشعور الذي تأثر فيه، لأنني أخشى أننا في عالم يتم فيه التلاعب بالمعلومات والبرامج، فعندما تكون المبادىء لدى الفرد راسخة فكل المعلومات التي تصله تكون تفصيلاً، فهو ينطلق من المبدأ للوصول إلى الهدف، وبالتالي فكل المعلومات المحيطة إن كانت صحيحة أو غير صحيحة فلا تكون هي السبب في التوجيه نحو الهدف، والتمسك بالمبدأ والتنظيم سيبعدنا عن الفوضى، والتي هي عدو كل المقاومات، فإذا انطلقت المقاومة من المشاعر وليس من الإنضباطية هذا ما قد يخلق فرقًا بين المقاومات في كيفية مواجهة أو الرد على هذا الظلم، وهذا يخلق فوضى، فيجب أن يكون هناك مرجَع موحّد، وبالتالي المقاومة الإسلامية تقدّمت على كل المقاومات الأخرى اليسارية وغيرها، لأن تلك المقاومات لم يكن لديها مرجَع ثابت، مرجَع مكرّس، كان هناك عدة مراجع فلسفية وأفكار جيدة وجميلة، ولكنها لم تكن راسخة بالشكل الكافي حتى لاغ تتزعزع، وقد ثبت الأمر بالدليل، من بداية الحرب العربية مع العدو الإسرائيلي حتى اليوم لم تحقق ما حققته هذه المقاومة الإسلامية، التي أصابت الهدف بالشكل الصحيح، لأنها هذه المقاومة لديها أسس ثابتة وراسخة، وبالتالي مرجَع مطلق هو رب العامين.

 

 

المداخلة رقم 2: التربية على المقاومة (د. تيسير الخطيب /لبنان)

 

سأتكلم اليوم عن 3 قضايا أساسية:

  1. النموذج الذي رأيناه في غزة ما هي خلفياته ومقوّماته، والذي هو نموذجًا مبهرًا على صعيد العالم.

  2. التاثيرات الفكرية لمعركة طوفان الاقصى على مستوى العالم.

  3. كيف  تسهم التربية في تثبيت فكرة المقاومة.

 

1- مقومات القوة في المجتمع الفلسطيني:

كانت هزيمة حزيران عام سبعة وستين مفصلا فارقا في التجربة الوطنية الفلسطينية، وخاصةً في قطاع غزة، حيث أنهم الوحيدون الذين احتفظوا بالهوية الفلسطينية ولم يستبدلونها بأيّة هوية أخرى.

وقد طرحت الهزيمة سؤال ما العمل ولماذا هزمنا؟ وقد كانت أقرب الاجابات للرد على هذه الاسئلة أنه لا سبيل إلا المقاومة والجهاد. فأي هوية يمكن أن نواجه فيها الاحتلال وفقدان الوطن والهزيمة المؤلمة؟ نواجه بالهوية الحقيقة لهذا الشعب والتي هي الهوية الدينية الإسلامية، وقد تكثفت هذه المعاني بشكل أقوى إذ أن الإحتلال لمن يكن لأرض كأي أرض وإنما للأرض التي فيها المسجد الاقصى المقدس بما يعنيه هذا المكان من مضامين عقائدية وروحية.

والمجتمع الفلسطيني مجتمع ينحو نحو المحافظة وقد شكلت طبيعة هذا المجتمع تربة مناسبة لتجذر التدين في هذه التربة، وأصبح التدين والمقاومة عنصران متمازجان، وهذا ما جعل المقاومة خيارًا لا بديل عنه بصفتها أعلى الواجبات في حياة الفلسطينيين برمتهم.

لقد أسهمت أيضا  قسوة وعنصرية الإحتلال والطابع الأيديولجي للكيان الصهيوني والمعلن بلا مواربة  في تقوية الشعور الديني والوطني لدى الفلسطينيين بالإضافة الى فشل التسوية، يضاف الى ذلك انعدام سبل العيش الكريم والحصار والفقر في حسم المجتمع الفلسطيني خياراته باتجاه المقاومة المسلحة، من خلال خنجر اتفاقيات الهدنة والتسوية من قبل مصر مع العدو الإسرائيلي، ولانتصار الثورة الإسلامية في ايران واللغة الجديدة التي سمعوها من دولة إسلامية غير عربية بعيدة عن مركزية القضية الفلسطينية، وعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني، فجذوة المقاومة في فلسطين كانت الثورة الإسلامية في إيران، وظهر محور طهران القدس منذ العام 1982 م، وأيضا من خلال نماذج رآها الفلسطينيون في تحقيق الإنتصار على العدو وخصوصا انتصار المقاومة الاسلامية في لبنان عام 2000 م، ففي لبنان أصبحت فكرة الإنتصار على هذا العدو أكثر واقعية وهذا ما تكرس من خلال خمس حروب خاضتها المقاومة الفلسطينية واستخلصت من خلالها الدروس والعبر، والذي جعلها تدير الحرب الأخيرة والتي تكاد تكون مثالية من حيث التخطيط والتنفيذ.

 

2- تاثيرات معركة طوفان الاقصى الثقافية والفكرية على العالم:

أصبحت فكرة فلسطين من خلال معركة طوفان الاقصى ملهمة لشعوب العالم، حيث باتت تختصر معاني الحرية والكرامة والبطولة والحق، وأثارت قضية فلسطين وصمود الفلسطينيين ووحشية العدو الصهيوني  والذي هو جزء من الغرب، أسئلة كبرى حول الحق والعدالة والحداثة والدين والإسلام كبديل روحي عن أمراض الحداثة التي فشلت في الاجابة عن ماهية الإنسان ودوره وهدفه ومصيره والمعنى الروحي والمادي لحياته؟ أعتقد أن هذه الاسئلة ستلقى بثقلها على الفكر والثقافة في الغرب وستنتج مقولات ثقافية وفلسفية عميقة سيكون لها تأثيرات بعيدة المدى على الشعوب الغربية وربما علينا في المستقبل. ففكرة الحداثة التي اجتاحت العالم لم تجد من يلجم اندفاعاتها العارمة وربما الطائشة والمتفلته، وقد يكون لفلسطين ولطوفان الأقصى وللوحشية الصهيونية التي يقف خلفها التوحش والدجل الغربي الإنتباه في هذه الآونة من التاريخ. وأشير هنا أن ما أقوله أكّده الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن حيث قال في بداية عملية طوفان الأقصى "إن هذه العملية استئناف جديد للحضارة وانبعاث للأمة". وأخيرًا علينا إعادة طرح السؤال حول الحداثة والدين؟ فالحداثة أثبتت فشلها وعلى الغرب العودة للدين للعودة للإنسانية.

وهنا لا أعتبر أن العملية بصفتها عملية قتالية فحسب هي من ستفعل ذلك، بل ما أحاط بها من رؤية فكرية وعمل سياسي وإعلامي ومبادرات ذات طابع إنساني كقضية الأسرى الإسرائليين لدى المقاومة، ومن قبل ذلك كله النجاح في إعادة القضية الفلسطينية إلى بؤرة الإهتمام العالمي، وطرح السؤال الأكثر إيلاما للصهيونية العالمية وهو حول أهمية وجود وبقاء الكيان الإسرائيلي.

 

3- كيف  تسهم التربية في تثبيت فكرة المقاومة:

إننا وأعني بها الشرق أو العالم الإسلامي، لم نتقدم في فيما تقدمت فيه أمم غيرنا، وما زلنا نعاني من الهيمنة الغربية والاستبداد والحروب البينية والصراعات الطائفية وتحكم الاستعمار في مقدراتنا الحياتية في السياسة والاقتصاد والثقافة وأنماط العيش والتفكير، ولذا فلابد من إعادة النظر فيما نحن فيه. وبالتالي لابد من ثورة ثقافية حقيقية نحدد من خلالها علاقتنا مع أنفسنا ومع الآخر وأنماط التنمية والاقتصاد التي تناسبنا، وأين نقطع وأين نتصل مع الحضارة الغربية السائدة، وكل هذه الأسئلة طرحت من قبل ولم يتم الإجابة عليها حيث كنا ضحايا لخداع الذات والانخداع بدجل الآخر.

إننى أقول هذا للتأكيد على أن الإجابة عن هذه الاسئلة تشكل الاساس والمرتكز لأي سياسة تربوية نعتمدها. فلن يبدأ الإصلاح إلا برؤية ثقافية صلبة تتحول إلى مفردات واضحة في التربية والتعليم، فمصانع التنشئة المدرسية هي المجال الذي يجب أن نستغل كل مساحاته، من أجل ترسيخ مبدأ المقاومة الشاملة، بصفتنا أمة في حالة مواجهة مستمرة مع أعداءها، فليس بالإمكان أن نحافط على وجودنا وهويتنا ومقومات حياتنا إلا من خلال الحفاظ على فكرة وقضية المقاومة.

إن فكرة المقاومة تبدأ من وعي الذات، ومن التبصر بالمعالم الأساسية للأحداث التاريخية التي أنتجت الواقع، فأي معرفة آنية منقطعة عن سياقها التاريخي لا يمكن إلا أن تكون معرفة هشة متهافتة لا تصمد أمام تحديات الصراع، وفي أي منعطف من منعطفاته.

 

أخيرًا أتقدم باقتراح أراه عمليًا ومناسبًا وقابلاً للتحقيق، ألا وهو إدراج القضية الفلسطينية وقضية المقاومة بكل مفرداتها (كالدفاع عن النفس وطلب العدالة والكرامة والتوق للحرية وأخلاق الحرب ومعنى السلام الحقيقي المبني على القوة وليس على الضعف) في مناهجنا التعليمية، وأن يعكف صانعو القرار على إنجاح هذه التجربة والوصول بها الى أفق نموذجي قابلاً ليكون نموذجًا محتذًا به، وحيثما أمكن ذلك وخاصةً في أنحاء عالمنا العربي والإسلامي.

 

المداخلات والأسئلة:

عقب المداخلتين الأساسيّتين كانت هناك عدد من المداخلات من قبل الحضور:

 

مداخلة من قبل د. علي مطر (حضور):

هناك من يطرح نقاش أنه هل يحق لحماس الدخول إلى مستوطنات غلاف غزة؟ لأنه بنظرهم إسرائل هي دولة، وحماس هي منظمة لا تتبع للسلطة الرسمية الفلسطينية، فنحن إن ثبتنا بأن حماس مقاومة شعبية تمثّل الشعب، فنكون قد ثبتنا لها حق الكفاح المسلح وحق تقرير المصير والدفاع عن النفس. 

 

مداخلة من قبل د. عماد ياغي (حضور):

الموضوع الأول هو من خلال تجربتي النقابية وسفري لعدة دول في أوروبا، الحقيقة طوفان الأقصى هو الذي أعاد البوصلة وهو الذي وضع فلسطين على السكة، لأننا عندما كنا نذهب لأوروبا ونشارك في مؤتمرات ونتكلم مع الشعوب الأوروبية، فغالبيتهم ما هو مقدار معرفتهم برأيكم عن الدول العربية؟ يعرفون مصر الفراعنة والأهرامات، ويعرفون برج خليفة في دبي، للأسف هذا فقط ما يعرفونه عن الدول العربية، وهناك القليل منهم من سمع بفلسطين والقضية الفلسطينية، نحن طلبنا خلال عملنا النقابي، أن كل بيان يصدر بحق القضية الفلسطينية يُترجم لجميع اللغات الأساسية في العالم، وأنا أعتبر أن عملية طوفان الأقصى وما واكبها من تطور إعلامي، هو الذي أسس لهذه النهضة، نهضة الفكر المقاوم، أنا لم أشهد مظاهرات بهذا الحجم في الكثير من الدول (البرازيل، إسبانيا، أميركا،..إلخ)، حتى هناك الكثير من اليهود ممن شارك في هذه التظاهرات، وهذا كله من بركات عملية طوفان الأقصى.

 

أما الموضوع الثاني الذي أريد الإشارة له، وهو أن العدو الإسرائيلي في مرحلة زوال لا شك، وسماحة السيد حفظه الله وعدنا أننا سنصلي في القدس حتمًا وسنصلي بالقدس بإذن الله تعالى، فالعدو الإسرائيلي ليس عنصري فقط مع الفلسطينيين أو اللبنانيين أو أي شعب يمارس فعل المقاومة، بل هو عنصري من نفسه، فشعبه منقسم بين يهود أوروبا ويهود الشرق الأشكيناز ويهود الحبشة الفلاش، فالهجرة الإسرائيلية اليوم للصهاينة الأشكيناز هي الأكبر، فلن يبقى لهم هذا الكيان الغاصب وسيتفتت شيئًا فشيئًا، وأنا أضم صوتي لصوت الدكتور الخطيب حول إدراج قضية المقاومة في مناهجنا المدرسية التربوية وتحديدًا في كتاب التربية المدنية، وأن يكون إجباريًا وليس اختياريًا.   

 

مداخلة من قبل الشيخ د. محمد باقر كجك (باحث في مركز الابحاث والداسات التربوية):

أود أن أنطلق من حيث انتهى الدكتور نشابة حول قضية الانضباط والتنظيم في العمل المقاوم، فأعلى سلم القيم في قضية الانضباط هي الانضباط تحت قيمة الله، وما يهمنا تربويًا هو الاستناد القانوني لهذه القضية وليس فقط الأمور الفلسفية أو العقائدية الأيديولوجية، ولكن هذه الحجة القانونية تحمل في طياتها نوع من النقاش الفلسفي حول النسبية المعرفية التي أدت إلى طغيان المادية الرأسمالية الغربية، وهذا الذوبان القيمي الذي أنتج الإنسان المعاصر، الذي هو لا كيان قيمي ولا كيان حقوقي واضح لديه، وحتى أن المستقبل بالنسبة له هو مستقبل سائل إلى أقصى الحدود، وهذا الذي يجعل بفهمنا الفلسفي مسألة القهر والمقاومة والتنشئة الاجتماعية لدى الإنسان الغربي المعاصر والحديث فهو فعلاً إنسان مقهور ومجبور على هذا السير الحضاري، فباختصار مسار المقاومة لعشرات السنوات وحتى الآن، وهذا الإنفجار الكبير الذي حصل في غزة حاليًا هو انفجار معرفي، فلم نعد نتكلم فقط بالدفاع عن نفس بمعنى الدفاع عن حق الوجود فقط، بل الدفاع في منطق وفلسفة المقاومة حاليًا هو دفاع عن الإنسان مطلق إنسان، والدفاع عن إنسان المستقبل، فإحدى الباحثات الغربيات (منى ليليا) كتبت في إحدى المجلات العلمية (the journal of political power) وهي في تعريفها للمقاومة تسأل عدّة أسئلة: ما هي المقاومة؟ ومن هو المقاوِم؟ ومن هو المقاوَم الذي تتم مقاومته؟ وما هي أدوات المقاومة؟ وذكرت بأن إحدى الأدوات الهامة جدًا في هذا المجال هي عملية التنشئة الاجتماعية، فالصراع اليوم هو على آليات التنشئة الاجتماعية والتي إحدى أدواتها هي قطاعات التربية المتنوعة، فيحتاج الأمر لإعادة بلورة حقيقية لمفاهيم المقاومة وأدواتها الثقافية وغيرها، مع ضرورة التركيز على الأطر القيمية التي تحدد شكل الإنسان، لذلك فالمقاومة في ارتباطها بالله سبحانه وتعالى تعطي هذه الأرضية الصلبة الثابتة الحتمية النهائية التي لا يمكن تجاوزها، ويمكن دومًا الدفاع عنها والإنطلاق منها. فالتربية على المقاومة استنادًا لهذه القيمة المرتبطة بالله تعالى يفتح المجال واسعًا للبحث العلمي التربوي في هذه القضية.

 

أضيف بتاريخ :2024/02/10 - آخر تحديث : 2024/02/10 - عدد قراءات المقال : 333