الى الاعلى
  • أكرموا أولادكم، وأحسنوا آدابهم يُغفرْ لكم "الإمام الصادق (ع)"

الشباب والأسرة


نظّم مركز الأبحاث والدراسات التربوية الملتقى التربوي رقم 3 للعام 2023 وذلك عصر نهار الأربعاء بتاريخ 14 حزيران 2023 م، تحت عنوان [الشباب والأسرة] (قدمه الدكتور علي الرضا فارس)

  • المداخلة رقم 1: دور الأسرة في بناء شخصية الشباب (د. حسن رضا /لبنان)

  • المداخلة رقم 2: الشباب ومشروع بناء الأسرة (السيد بلال وهبي /لبنان)

 

بدأ الملتقى بمقدمة للدكتور علي الرضا فارس تناول فيها بأنّه يقول الله تعالى في محكم كتابه المبين، بسم الله الرحمن الرحيم "يا أيّها الناسُ اتَّقوا ربَّكُمُ الذي خلقكُم من نفسٍ واحدةٍ وخلقَ منها زوجَهَا وبثَّ منهُمَا رجالاً كثيرًا ونساءً. واتقوا اللهَ الذي تساءَلُون بِهِ والأرحامَ. إن اللهَ كانَ عليكُم رقيبًا".

 

هي النّفسُ الواحدة واللُبنة الأولى لولادة ونشأة وتربية أفراد المجتمع، حيث يتمّ داخِلَها توريث القيم الحاكمة لهذا المجتمع، فهي الكهف الحصين للأبناء، ومصدر السكينة للأباء.

هذه هي الأسرة، فكيف إذا كانت هذه الأسرة هي الأسرة المسلمة، فهنا تتضاعف المسؤوليات والواجبات، وتُحفَظ الحقوق، وتُبنى الأفكار، وتُصنَع العقول، وتنموا القلوب. فحفظ الإسلام وارتكازًا على الأسرة الإسلاميّة هو البوصلة، فهو المسار والهدف في آنٍ معًا.

 

هذا عن الأسرة، أمّا عن الشباب، فهم وقود هذه الأسرة ومصدر حيويّتِها وزينتِها وساحة الوصاية الإلهيّة، بسم الله الرحمن الرحيم "يوصيكُمُ اللهُ في أولادِكُم"، وهم آباء المستقبل، وحاملو لواء الإسلام المحمّدي الأصيل، وهم جزءٌ لا يتجزّأ في حفظِ أُسرهم الحالية، ورأس الحربة في بناء أُسرهم المستقبليّة، في ظلّ حربٍ عالميّةٍ شعواء على الأسرة تحت عناوين برّاقة جذّابة خدّاعة، كعادة من يُطلقها (مساواة، حريّة، إستقلالية، فردية، نسوية، مثلية بل شذوذ، وتطول القائمةُ ولا تنتهي...).

فأين هم الشباب وأين هي الأسرة من تحديات عالمنا المعاصر؟

 

فعن الشباب في أسرهم النظرة والعلاقة، سيحدّثنا الدكتور حسن رضا ليعطينا إجابات عن الأسئلة الإشكالية الآتية:

كيف ينظر الأبناء إلى ذويهم؟

كيف هي العلاقة بين الشباب وأُسرهم في عالم اليوم؟

لماذا ترتفع وتيرة التصادم ما بين الأبناء وآبائهم داخل الأسر؟

وما هو السبيل لتقليص هذه الفجوة وحلّ هذه الخلافات؟

 

وعن الشباب ومشروع بناء الأسرة، سيحدّثنا فضيلة السيد بلال وهبي ليعطينا إجابات عن الأسئلة الإشكالية الآتية:

كيف يبني الشباب ثقافتهم الأسرية اليوم؟

ما أسباب تراجع وعزوف الشباب عن تكوين الأسر؟ ولماذا الإستخفاف بقدسيّة هذا الأمر؟

وكيف يجب أن تُبنى النظرة من شبابنا تجاه مشروع بناء الأسرة؟

 

كما تمّ إطلاع الحضور على نتائج استطلاع حول الشباب ومشروع تكوين الأسرة أجرته مديرية الدراسات الميدانية في المركز على عينة من الشباب، حيث توزعت بين:

  • 62% إناث و 38% ذكور

  • أمّا أعمارهم: 78% تحت عمر 26 سنة و22% فوق عمر 26 سنة

  • أمّا مستواهم العلمي: 15% ثانوي وما دون و85% مستوى جامعي ودراسات عليا

  • وأظهرت النتائج بأنه هناك إجماع حول استقرار الأسرة كونها عامل أساسي في بناء شخصية أفرادها.

  • وتوافقت النسبة الأعلى بما يفوق ¾ المستطلعين بأن البحث عن السكينة والاستقرار النفسي هو يمثّله مشروع تكوين الأسرة بالنسبة لهم.

  • وتقدّم خيارا مستوى الإلتزام الديني وبيئة عائلة الشريك في موضوع اختيار الشريك المستقبلي على باقي الخيارات.

  • كما تقدّمت الخيارات الآتية المتعلقة بتحديد دور الفرد في أسرته على باقي الخيارات، وهي الحفاظ على الإنسجام والإستقرار فيها، ورفع مستواها الثقافي والديني.

  • وأخيرًا أظهرت النتائج بأنّ الجزء الأكبر من الثقافة الأسرية ومفهوم بناء الأسرة يعود إلى توصيات الوالدين و محاضرات علماء الدين وارشادات المختصين الاجتماعيين والتربويين والكتب التربوية، أكثر من وسائل التواصل الاجتماعي والقصص والروايات أو المسلسلات الأجنبية.

 

المداخلة رقم 1: دور الأسرة في بناء شخصية الشباب (د. حسن رضا /لبنان)

بدأ د. رضا مداخلته من خلال انطلاقه عبر فكرة ركائزية أساسها أن الشاب يولد في أسرة يكون وجوده فيها مؤطرًا ضمن دائرة جبريةٍ، غير أنه يمكننا أن نرى لونين من الإختيار يرتبط برؤيته على مستوى سلوكه وتفكيره ومجالاته العملية، أّمّا الأول فهو يتمثل في إمكانية أن يقوم ببلورة هويته الشخصية بالشكل الذي يهوى، أما الثاني فهو إمكانية أن يقدم طابعًا لهذه الأسرة التي ينتمي إليها، وكم من فردٍ كان وجوده في أسرة بمثابة معاناة أو اختبارٍ، فلو كان في أسرة أخرى لكان مفيدٍ أكثر. وكم من شخص يشَكل وجوده في أسرةٍ نوعًا من المكافاة التي لا يستحقها.

لذلك يمكن التمييز بين إجبارية الوجود في أسرةٍ وبين اختيارٍ يتمثّل في صناعة الذات والهوية من ناحية، وفي إضفاء لونٍ على هذه الأسرة، إذ يمكن لهذا الشاب أن يكون قيمةً مضافة بالنسبة لأسرته، فيصنع لها كيانًا وأهميّةً وخصوصية، وربما قد يكون عالةً عليها، وهذا ما يؤدي بها لدفع ثمنٍ باهظٍ في بيئةٍ قد تفرّق بين الفرد وأسرته، وقد تجعل الفرد والأسرة بمنزلة الشيء الواحد الذي لا ينبغي التفريق بينهما.

 

ولا بدّ من الإشارة أيضًا إلى أن الشاب عندما يولد في أسرة يتلقف ثقافتين، الأولى يتلقفها من أمه، والثانية يتلقفها من أبيه، ويحاول المزج بينهما لتولد ثقافة توليفية جديدة هي مزيج من ثقافة الأم والأب، وهناك مؤثرات أخرى تدخل لتؤثر على نسق التربية الأموي والأبوي، فضلاً عن ما يمكن أن يكون من الإستعدادات القبلية بما يسمح لهذا الفرد بأن يضفي على هذه الخبرة شأنًا خاصًا، ولا ريب أن من يتحدث في هذا العصر أن يكون من ناحية ثقافته قد اقتطف من بيئه الأصلية من جهة ومن العالم الافتراضي من جهةٍ أخرى، وعليه فهذه الثقافة الجديدة لا يمكن إلا ان تأخذ ولو بنسبة محددة من جزءًا من ثقافته الأسرية. فالفيلسوف إيمانيول كانط عندما ذهب لمقاربة القضايا الميتافيزيقية لم يجد أنّ لديه قدرة على إثبات هذا العالم الميتافيزيقي ولاسيما في كتابه نقض العقل المحض، وجدناه في كتابه النقض العقل العملي، وأسس ميافيزيقا الأخلاق، يذهب إلى القول بوجود فرضيتين على الأقل أي أثبت وجود الله وخلود النفس، وقد ذهب لهذا الإتجاه، لأنه هناك مؤثرات دخلت من خلال إيمان أمه، والتي تشكلت من خلالها معرفته. وهنا أشير من خلال خبرة الوالدين، فمن الممكن أن تكون لديها خبرة من خلال دراسة علم النفس، وقد نجد أن هؤلاء قد أخذوا من العلوم التربوية والدينية وغيرها، ولكن المشكلة لما تكون الدافع الجنسي وحده أو تأكيد الذات هو الدافع للزواج والإنجاب.

 

ونحن نتعلم من خلال أبنائنا، فالطفل الأول يدفع ثمن التجربة والتعلّم بالنسبة للوالدين، لذلك يبقى وجود الفرد حسب عدده في أسرته إلى نوع التفاعل بين الوالدين والولد نفسه، وهناك قواعد على المستوى النفسي والسلوكي يجب الإنتباه لها، فلا يصح أن نضع القواعد الحتمية على النفس الإنسانية كقواعد الفيزيائية أو الكيميائية، فمن خلال بعض المناهج وخاصة التجريبي والوصفي والتحليلي لا نستطيع إكتشاف النفس البشرية، فهي متغيّرة.

 

وبالنسبة للشاب هو وليد معطيات فطرية فسيولوجية نفسية اجتماعية تنبع من البيئة التي ينتظم فيها، ولكن على الرغم من ذلك لا بد من أن نشير إلى أن الخبيث قد يخرج من الطيب، كما أن الطيب قد يخرج من الخبيث، معنى ذلك أن الضوابط التي يمكن أن نعول عليها في هذه المسألة لا يمكن ان تصل
إلى نتيجة نهائية.

 

ولا بد أيضًا من القول بأن الأسرة أنيطت بها مهمّة صناعة الشاب على المستوى التربوي والاجتماعي، فعلى المستوى العام والنظام العام تم سلب هذه المهمّة من الأسرة، لما للنظام من مصلحةٍ في هذا الأمر، من أجل أن يقوم بإيجاد تناسق عام بين الأفراد، لكي لا تذهب كل أسرة إلى ثقافة منفردة، ويتم هذا الأمر عبر النظام التربوي، فالنظام التربوي انتزع من الأسرة مهمة التربية بمباركة من النظام السياسي، ليعمل على تكرار النظام السياسي نفسه، فالشاب هو نتيجة لهذا التفاعل والصراع، والحقيقة ان دور الأسرة تضاءل في صناعة شخصية الأبناء وذلك لصالح مؤسسات الدولة والنظام العام من ناحية، ولصالح الفضاء السبراني من ناحيةٍ أخرى الذي أبعد الفرد عن قيمه وتراثه.

 

والحقيقة أن الوالدين على المستوى العام يميزان بين الذكور والإناث في مجتمعاتنا، بل حتّى في مجتماعات أخرى، على أساس أن الأبناء بالنسبة للأباء هم نتاجٌ مستدام، أو كما يعبّر بيرغسون من خلال شعورالأب والأم بالرضى عن الذات عند وجود الأبناء الذين يشكّلون استمرارًا لحضورهم، طبعًا في مقابل العلاقة التي تربط الإبن مع والديه، هي علاقة إشعار دائم بالمسؤولية، فهناك صدام دائم بين الوالدين والأبناء، يشبه الصراع بين البرجوازية والبروليتارية، فالأب والأم الذين يملكان القوة الإقتصادية يضغطان على الأبناء، فالأبناء ينتقمون، فضلاً على عدم احترام الطرفين وغياب المرونة بينهما.

 

لا بدّ للأبناء من أن يدركوا بأن الأب والأم بالنسبة إليهما يشكلان المخلّص، لذلك عندما يدرك الإبن هذا الأمر يستطيع أن يتصرف بصورةٍ يعرف من خلالها ان المأمول منه إنما هو كبير ولا بدّ أن يكون على هذا المستوى، والعامل الآخر هو ان اغلحوار والنقاش او الإنفتاح المعرفي على الآخر، ولا سيما عندما يكون الوجه في مقابل الوجه، فهذا الإنسان يستطيع ان يرى في هذا الوجه المحدود المُطلَق الإلهي، عند ذلك يرتدع عن القيام بما يُفقِد هذين الأبوين الأمل الكبير، بما يكسر هذا الخاصر، الذي يمثل خصوصية البناء من الجذور للوصول للقمة، وعلى الشاب ان يكون طبيب والديه، فهناك علاج سلوكي معرفي وعقلاني ووجودي.. جميع هذه الأدوات تستخدم الحوار والعقل والمنطق والإقناع، فالشاب عليه أن يكون طبيب والديه، وأن يضع أمامهم الخيارات التي تتيح لهم صناعة أنفسهم من خلال ذلك.     

 

المداخلة رقم 2: الشباب ومشروع بناء الأسرة (السيد بلال وهبي /لبنان)

بدأ السيد وهبي مداخلته من خلال التأكيد على ضرورة إثارة موضوع الأسرة والزواج على مدار العام، بسبب الهجمات المتكررة عليها، وخاصة مع قوننة هذه الهجمة عليها بقيادة الشيطان الأكبر الولايات المتحدة الأميركية، التي أعلنت قبل يومين تقريبا بأن الأمة الأميركية هي أمة شاذّة وهي تفتخر بذلك.

 

ثمّ أضاف بأنّنا إذا نظرنا إلى الكون نرى بأنّه أسريٌّ بتكوينه، فهو مؤلّف من عدّة مجرّات ومجموعات شمسية وكواكب تعمل بشكل قانون أسريّ متعاون، وكذلك في عالم الطبيعة في الكرة الأرضية فقانون الأسرة والزواجية قائم في كلّ شيء (نبات، حيوان،..إلخ). ولهذا فالوضع الطبيعي الفطري هو الزواج وتشكيل الأسرة.

 

وقال أنّه من تعريفات الأسرة في اللغة العربية هي الحصن الحصين أو الدرع الحصينة، التي توفر الحماية للفرد الذي يعيش فيها. ولهذا فإن قمنا باتّباع الأميركي من خلال قيمهم، فإنّنا نسير عكس الطبيعة وعالم التكوين، فإنّنا نسير بدمارٍ محتّم، ولهذا علينا جبه هذه المخاطر عن مجتمعنا، وهذا عمل صعب يحتاج لموارد هائلة لا تتوفّر عندنا من سيطرة على الإعلام والمال وغيرها من الموارد، حيث أنّ هذه الثقافة تتشرب إلينا بالطرق الناعمة، وهم يملكون أدوات القوة المادية والعلمية لنشر هذه الثقافة، ونحن في المقابل نملك قدرة فكرية وفلسفية وتشريعية عالية الجودة إن لم تكن الأعلى، ولكن هذه تحتاج لوسائل ولجيشٍ يُجنّدُ، لهذه المهمّة، ونحن لا نلك هذا الجيش للأسف، زلهذا علينا أن نركز هذه الجهود حيث نتمكن، وهذا يفرض مسؤوليات على مؤسساتنا التربوية وعلى الوالدين.

 

ثم أضاف بأنّه علينا أيضًا أن نعترف أنه نتيجة لهذا التطوّر التقني المذهل الذي دخل إلى كل بيت، وانفتاحنا على العالم الآخر، وتعدد أزماتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية، فكل هذه الأزمات المحيطة جعلت الأبوين يقللان من وقت حضورهما في العائلة، ما أعطى مساحةً أوسع من الحرية للأبناء، ولكن هذه المساحة الأوسع كانت على حساب إلتزامهم بقيم الأبوين، فأوجد شقّة ما بين الأبناء وذويهم، وأحيانًا نعجز عن ردم هذه الهوّة، إمّا بسبب غياب الحوار، أو نتيجة للأزمات النفسية نجابه الآخر حتى ولو كان إبننا، فنحن نتصارع معه لحرصنا عليه، ولكننا في الوقت عينه لا ندرك أننا قد نخسره.

 

واعتبر السيد وهبي أنه وانطلاقًا من التجربة الاجتماعية  ومعايشته لعدد من المشاكل الأسرية لدى الشباب خصوصًا، ما يمنع الكثير من الشباب اليوم من تكوين الأسرة هي مجموعة من الأسباب، وهي طارئة في العقدين الأخيرين، وهي تزداد حضورًا في أوساط الشباب، وهي ناتجة عن هذا الإنفتاح على الثقافات والمجتمعات الأخرى، وعن هجمة ثقافية فكرية قيمية من قبل الغرب بوسائلها المختلفة، فمن الموانع التي تمنع الشباب اليوم من تكوين الأسر هي:

  • التطلع نحو تحقيق الذات، فالذكر والأنثى يسعون لتحقيق ذاتهم لطلب العلم، وبعد ذلك تأمين العمل والوظيفة، وخاصةً بالنسبة للأنثى، فهي أصبحت مكتفية ماديًا ولا ترى حاجةً لوجود شخص ينفق عليها، ولهذا أصبحت تفضّل أن تأخر الزواج والإرتباط الزوجي، فإذا بلغت سنّ الثلاثين في العادة تكون كلّ الشحنات الدافعة للزواج قد خمدت بمعظمها، والعقل في هذه المرحلة يصبح أكثر فعالية، ودائمًا العقل يعقّد الأمور، حيث قد يطرح أسئلةً يجد الإنسان صعوبةً بالإجابة عليها، وإذا أجاب عليها بشكل منطقي وعقلي، فيجد أن الكُلَف كبيرة في هذا المجال، فيتأخر في مشروع الإرتباط الزوجي، فإذا تقدَم في السنَ حتى 40 أو 50 عامًا، فعقله يقول له لا تترك الحياة دون أن تترك ولدًا لك، فيقوم بالإرتباط كيفما كان أحيانًا، والرابطة تكون رابطة عقلية فقط وليست رابطة على الحب والمودة. ولهذا أفخر وأشجّع على الزواج المبكّر، في أعمار العشرينات. والبعض يعتبر أنّ أبناؤه غير ناضجين للخوض في مثل هذه التجربة، وهنا يتحمّل الأهل دورًا، حيث أنّه في الماضي كان الأبناء يشاركون في الحياة الاجتماعية والزيارات واللقاءات التي يقوم بها الأهل، فكان الإنسان ينشأ واعيًا، أما اليوم فلا يوجد هذه المشاركات والتربية الاجتماعية للأبناء، بل يصرفون جلّ وقتهم بشكلٍ فردي على الهاتف، أو يصرفون أوقاتهم في غرفهم الخاصة وفي درسهم، وبالتالي فالأبناء يملكون ثقافة عامة عالية، ولكنهم لا يملكون ثقافة اجتماعية.

  • الإكتفاء، فقِدَمًا العريزة الجنسية تُلبّى عبر الزواج فقط، أما الآن فيتُم إشباعُها بطُرُق شتّى، حتى للأسف في البيئة المتديّنة أيضًا أصبح الشاب يجد أمامه فرصة، وأحيانًا الكثير من الفتيات اللواتي قد يخفين عن أهلهن هذا الأمر.

  • الفرار من الأعباء، فالآن معظم الشباب يقولون إنّ تكوين أسرة يحتاج أعباء مالية كثيرة، صحيح أن الحاجات قد زادت عن القِدَم، ولكن هذا ليس مبررً لعدم الزواج، على قاعدة من جدّ وجد، ومن أراد يريد الله سبحانه وتعالى ويهيؤ له الأسباب.

  • رفع التوقعات عند الشباب، فالشاب والشابة نتيجة ما يرونه على التلفزيونات من نماذج سيئة ومعايير معينة، فلا يعودون يريدون إلاّ هذه المعايير المعينة، وبالتالي تصبح عملية الإرتباط صعبة.

  • الفردانية والأنانية المُفرِطَة، هي أيضًا من أسباب تأخير الزواج وتشكيل الأسر.

 

المداخلات:

عقب المداخلتين الأساسيّتين كانت هناك عدد من الأسئلة من قبل المتابعين حضوريًا وعن بُعُد:

سؤال (من متابع) موجّه للدكتور حسن رضا:

مع الحديث عن عوامل متعددة في تشكيل شخصية الشاب، حصر الدكتور رضا الصراع بين الأهل والأبناء فقط بعامل الصراع الإقتصادي المبني على أساس أفكار التنافس بين البرجوازية والبروليتاريا؟

الجواب من قبل د. حسن رضا:

حاولت من خلال تشبيه العلاقة الصراعية بين الأهل وأبنائهم بأنها على غرار الصراع بين البرجوازية والبروليتاريا في العقل الديالكيتيكي، بمعنى ان الصراع الذي نشأ بين هاتين الفئتين مبنية على موقعية الفرد في عملية الإنتاج، وعليه كما يوجد صراع مبني على الشأن الإقتصادي والذي يفرز ثقافتين مختلفتين بالنسبة لكل واحدة منهما حيث تنتمي إلى مصالح مغايرة للأخرى، وهكذا على مستوى الأسرة، فالأبوان اللذان يمتلكان مقومات الحياة وهما من يديران الشأن الاقتصادي للأسرة يبقى الأبناء في حالة صراعٍ معهم من أجل أن ينتزعوا بعض المكتسبات على مستوى حياتهم سواء قبل الزواج أو بعده. فهناك صراع اقتصادي وهناك صراع قيم بين الأباء والأبناء حيث ينتمي كل منها لجيلٍ مختلف عن الآخر.

  

عدد من الأسئلة (من متابعين) موجّهة للسيد بلال وهبي:

  • ما هي الحلول للمشاكل الأسرية؟ وكيف نواجه؟

  • كيف يمكن مواجهة الحركات النسوية والجندرية التي تواجه شبابنا وأخواتنا؟

  • هل القيم السائدة الآن كافية في بناء شخصية تؤمن بالقيم الأسرية؟

  • هل هناك إجراءات أو ندوات علمية من قبل علماء الدين نحو الحد من ظاهرة العزوف من تكوين الأسر؟

الجواب من قبل السيد بلال وهبي:

كيف نواجه، ذلك يستدعي أن نفهم عمق وأسباب المشكلة، ثم نطرح المواجهة، فالمواجهة تحتاج إلى أسرتين، أسرة أعمّ من العائلة التي ينتمي إليها هذا الطفل، أي أسرة مؤلفة من مجموعة أفراد ومؤسسات تتضافر جهودهم مع بعضهم البعض لتربية النشء الذي نريد، وثانيا الأسرة الصغيرة، وهذا الدور يعيدنا لطريقة اختيار الزوجين لبعضهما البعض، من ناحية اختيار خصائص يشدّد الإسلام على تواجدهما عند اختيار الشريك، وبعد ذلك توفير الحضانة الأسرية داخل الحضانة، حيث على الأبوين أو الجدّين أن يقوموا بأدوارهم، وأن تعتبر الأم أنها عندما تقوم بدور الأمومة، فهيتقوم بدور من أشرف الأعمال والأدوار، وذلك لا يمسّ بإنسانيتها ولا ينال من مكانتها، وهي تتكامل مع دور الأب الذي عليه القيام بوظائف أخرى، والملفت في القرآن الكريم أن الخطاب دومًا موجّه للأب بأنه هو المسؤول عن التربية وعن الرعاية، فالقوامة له وقيادة الأسرة له، وبالتالي عليه القيام بدوره التربوي.

وأيضًا على المدارس والجامعات والجمعيات الكشفية والأحزاب أن تلعب أدوارًا تربويةً في هذا المجال، وعلى الدولة أيضًا توفير البيئة القانونية الحاكمة لصناعة إنسان قويم، ويأتي دور المجتمع من خلال قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تُعدّ من فروع الدين.

وكذلك على الإعلام أن يلعب دورًا في المجال التربوي من خلال الفيلم والمسلسلات الهادفة، من خلال ما طرحه سماحة السيد القائد حفظه الله تحت عنوان جهاد التبيين.

فالقيم السائدة في مجتمعنا بحاجة لتدعيم وتحصين وتطوير مستمرّ.

 

ورجال الدين يقومون بإجراء محاضرات ولكننا كرجال دين نمارس الوعظ، ولكن لا نحاور الناس، في الماضي كان الناس بحاجة من ينقل إليهم بالمعلومة، أما اليوم فالمعلومة حاضرة، ولكننا بحاجة للنقاش والحوار الفعّال والمباشر مع الناس.

 

 

 

أضيف بتاريخ :2023/07/22 - عدد قراءات المقال : 637