الى الاعلى
  • إذا قعد أحدكم في منزله فليُرخِ عليه ستره، فإنّ الله تعالى قسم الحياء كما قسم الرزق"النبي عيسى(ع)"

التربية بين البيئة والوراثة


 
التربية بين البيئة والوراثة 
 
 
 يتقدّم الانسان دومًا نحو الرقي والتكامل، فكثير من الحقائق كان يجهلها بالأمس كشف عنها بالعلم ورفع النقاب عن سرّ وجودها . وعلى مرّ الأيام كلما انكشفت زاوية مجهولة في هذا الكون الفسيح اطلع العالم على النظام المُحكَم الذي أودعه الله تعالى، فيقف إجلالاً ويركع خضوعًا وخشوعًا حيال العظمة والحكمة الإلهيّة. فقد روي عن الإمام علي (عليه السلام): " أفضل المعرفة، معرفة الانسان نفسه " (1)، فنرى أنّ أساس السعادة قائم على معرفة النفس والهويّة الانسانيّة فمن لم يعرف نفسه ولم يدرك قيمته المعنوية لا يصل إلى الكمال الانسانيّ اللائق به أبدًا. وقد يمكننا ذلك من أن نعرف هذه الهويّة وفق الخوض في عالم الوراثة والجينات، ومعرفة طبيعة العلاقة النّاشئة بين الاستعدادات الكامنة، وبين البيئة والتربية التي تؤثّر في بلورتها. 
 
  • كيفيّة تكوين وتحوّل الهوية الانسانية
"فإنّ الهويّة بشكلٍ عام، هي حاصل تفاعل الانسان الاختياري مع مجموعة من العوامل والموانع المؤثّرة في وجوده، والتي تتشكّل تدريجيًّا في باطن الفرد، في اطار تركيبي من الرؤى، والتصديقات، والميول، والقرارات، والاعمال المستدامة (الفردية الاجتماعية) وآثارها التدريجية، وعلى هذا المنوال تتحول وتتغيّر. وبالنتيجة فإن الهوية التي يمتاز بها كل إنسان هي حصيلة اكتساب بعض الصفات والقدرات والمهارات من قبل الإنسان نفسه، ومن هنا، لم تكن أمرًا غير ثابت ولا متعيّنًا من قبل فحسب، بل هي حاصل سعي الشخص ونجاحه – في ظل الإرادة والعناية الإلهيّة وهي حتمًا متأثّرة إلى حدّ ما بالظروف الحاكمة على حياة الفرد– والانسان في الواقع يُعدّ موجودًا يمكنه في الظروف الطبيعية والاجتماعية المناسبة، وبالاستناد إلى فطرته الإلهيّة واستعداداته الطبيعيّة الممنوحة، وبالاستفادة من قوّته العقليّة واختياره وإرادته، أن يكتسب المعرفة (الفهم الصحيح لوضعيته ووضعية الآخرين، على ضوء معرفة الله واكتشاف علاقة الموجودات كافة بالحق تعالى). (2)
 
  • تأثير البيئة الاجتماعية والطبيعيّة
عندما نتحّدث عن تأثّر الطفل بالبيئة البشريّة والاجتماعية نستطيع القول بأنّه "يخرج من بطن أمّه كالصفحة البيضاء والأرض الخالية، وقد زرعت وجبلت يدُّ الله تعالى في طينته خاصيّة عجيبة وهي القدرة العالية على المحاكاة والتقليد وسرعة التلقي والامتصاص، فحاسة التقبّل عند الطفل شديدة إلى درجة أنّه أشبه بعدسة التصوير(3)، وفي هذا السياق ورد عن الامام علي (عليه السلام): " إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته " (4)، فذات الطفل حقيقة  مرآتيّة إن صحّ التعبير، تتقبل كل ما تتّعرض له من الخارج وتخزنه في ذاتها، وتعكس من جهة أخرى صورة المجتمع الذي تعيش فيه.
 والمحيط الاجتماعي -بكافة مؤسّساته- يلعب دورًا بارزًا في تحديد ملامح هويّة الطفل الذهنيّة والنفسيّة والسلوكيّة والقيميّة، فالأسرة، الحي، الجيران، المدرسة، الأصدقاء، الأقارب، مجموعات اللّعب، الجمعيات الكشفيّة، المساجد، الأندية الرياضيّة، البرامج التلفزيونيّة، الأحزاب السياسية بالاضافة الى عنصر خاص أصبح حاضرًا بقوة في عصرنا، ألا وهو العالم الافتراضيّ والفضاء المجازيّ، من الانترنت وصفحات الفايس بوك... 
إنّ تأثير البيئة الطبيعيّة في البُعد الجسماني للطفل من المسائل البديهيّة التي أثبتها العلم التجريبي ويُعاينها الإنسان بالحسّ والخبرة الشخصيّة، والطفل عنصر من مكوّنات النظام البيئي الطبيعي ومجاله الحيوي، فمثلاً لا يُمكن لأحد أن يُنكر تأثير عوامل المناخ من حرارة وبرودة على نمط حياته الصيفيّة أو الشتويّة في لباسه وطعامه وسلوكه وأنشطته ...، أو ينفي التأثير السلبي لتلّوث التربة والهواء والمياه ... في تهديد الأمن الغذائي والسلامة الصحيّة للطفل (5)... 
 
ولكن هل نستطيع القول بأنّ الطفل ابن  بيئته الطبيعيّة، بمعنى أنّها تُشكّل ملامح شخصيّته بنحو لا يكون فيها إلا عنصرًا متأثّرًا ومتلقيًّا ومنفعلاً ؟ 
 
ولقد برزت المدرسة الحتميّة التي تقول بأنّ البيئة والمحيط الاجتماعي لهما تأثير حتمي وجبري على تربية الانسان، بحيث لا يكون له (الانسان) القدرة والخيار والحرية في ذلك؛ في حين أنّ هذه الأطروحة-التفسير على أساس العامل الواحد- التي تدّعي بأحاديّة التأثير ( بأنّ البيئة هي العامل الوحيد في التأثير التربوي ) ليست علمية، لأنّ تعدد المجالات التربوية للانسان ( الاجتماعية، النفسيّة، المعرفيّة والعقليّة...) واضحٌ للبيان، من هنا فقد ظهر السّيد محمد باقر الصدر إلى القول أنّ التصوّرات التي اعتمدت العامل الواحد في فهم الانسان باءت بالفشل، كما حصل عند سيجموند فرويد من خلال نظريّة الغريزة الجنسيّة، والماركسيّة في المادّية التاريخية ... إلخ، ومن هذا الباب ينقض أيضًا على نظريّة الحتميّة الجغرافيّة، معتبرًا أنّ " كل هذه المحاولات لا تتّفق مع الواقع، ولا يقرّها الإسلام، لأنّ كلّ واحد منها حاول أن يستوعب بعامل واحد تفسير الحياة الإنسانية كلّها" (6) .
خلاصة القول إنّ الجغرافيا البيئية مؤثّرة نسبياً - بغضّ النظر عن نسبة التأثير كمًّا وكيفاً، ولكن تأثير البيئة الجغرافيّة أولاً قابل للتغيير، وثانيًا هو أقل بكثير من تأثير جملة عوامل أخرى متشابكة ومعقّدة ومتداخلة تلعب دورًا في رسم شخصيّة الطفل وهويّته، منها الوراثة، ومنها البيئة البشرية، ومنها التربية والتعليم، ومنها التفاعلات الداخلية في نفس الطفل مع الطبيعة والأفكار والأشخاص... ومنها عوامل غيبية، حيث إنّ من أخطر المشكلات التي يواجهها الفكر الغربي هو عزل التربية الإلهية عن التدخّل في مسارات صناعة هويّة الطفل والإنسان. 
يمكننا أن نذكر في هذا السياق قوله تعالى : "قال ألم نربّك فينا وليدًا ولبثت فينا من عمرك سنين الاستفهام للانكار التوبيخي، و (نربّك) من التربية، والوليد الصبي. لمّا أقبل فرعون على موسى وهارون وسمع كلامهما، عرف موسى وخصّه بالخطاب قائلاً: ألم نربّك ... ومراده الاعتراض عليه أولاً من جهة دعواه الرسالة، يقول: أنت الذي ربيناك وأنت وليد  ولبثت فينا من عمرك سنين عديدة نعرفك باسمك ونعتك ولم ننس شيئًا من أحوالك فمن أين لك هذه الرسالة وأنت من نعرفك ولا نجهل أصلك " ! (7)
صحيح أنّ فرعون هيّأ كل الظروف الحياتيّة المؤاتية، لهذا الطفل (النبي موسى عليه السلام) لكنه لم يستطع ان يؤثّر على تربيته الروحيّة والعقليّة، فكل ما استطاع أن يفعله هو فقط تربية موسى جسديًّا إذ انه كان غافلاً عن الامّ التي حملت وارضعت وربّت هذا النبي الذي نشأ في بيته سنوات طويلة فصعقه قهرًا في نهاية الأمر بانبلاج أنوار الرسالة الإلهيّة من بين جدران داره .
 
  • تأثير الوراثة على الهوية البشرية ذهنياً ونفسياً وسلوكياً
أمّا فيما يتعلّق بالوراثة التي أصبحت محورًا مستقلّاً لعلم خاص من فروع علم الأحياء الذي أطلق عليه وليام باتسون مصطلح : " علم الوراثة " Genetics ، ووظيفته دراسة الصفات التي يتمّ انتقالها من الآباء إلى الأبناء، وكيفية ذلك الانتقال، وتفسير أسباب التشابه والاختلاف بين من تجمعهم صلة القرابة . لم تكن البشرية تجهل قانون الوراثة تمامًا فيما مضى، بل كانوا يجهلون خصوصيتها. 
 
إنّ علماء الماضي : كانوا يعلمون أن في بذرة الزهرة ونواة الشجرة ونطفة الإنسان والحيوان ذخائر تنقل صفات الأجيال السالفة للأجيال اللاحقة. إنّ ما اكتشفه علماء الوراثة اليوم، وتوصلوا إليه بأبحاثهم الدقيقة من وجود موجودات صغيرة داخل الكروموزومات تنقل الصفات الوراثيّة والتي أسموها (الجينات) ليس أمرًا جديدًا كل الجدّة. فالرّسول الأعظم والأئمة الطّاهرون (عليهم السلام) الذين كانوا يكشفون الحقائق بنور الوحي والإلهام لم يغفلوا أمر هذا القانون الدقيق. بل أشير إليه في بعض النصوص وأطلق على عامل الوراثة فيها إسم (العرق). وبعبارة أوضح : فإنّ المعنى الذي يستفيده علماء الوراثة اليوم من كلمة (الجينة) هو نفس المعنى الذي استفادته الأخبار من كلمة (العرق) وعلى سبيل المثال: فقد روي عن النبي (ص) " أنظر في أي شيء تضع ولدك، فإن العرق دسّاس"(8) . وحينما نراجع المعاجم اللغوية في معنى كلمة (دسّاس) نجد أن بعضها – كالمنجد – يعلق على ذلك بالعبارة التالية : "العرق دسّاس أي: أن أخلاق ألآباء تنتقل إلى الأبناء" (9)
وفي هذه الرواية عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): "انظر في أيّ شيء تضع ولدك فإنّ العرق دسّاس" ، وقد عقّب الامام الخميني على هذا الحديث بقوله: "والمراد من الدسّاس أنّ أخلاق الآباء تصل إلى الأبناء" ، مضيفًا في هذا السياق الحديث الوارد عن الإمام علي (عليه السلام) : "حسن الأخلاق برهان كرم الأعراق" (10) .
  • نقد نظرية العامل الواحد (عامل الوراثة)
البعض ينحى منحى الميل الواحد في تشكيل شخصية الطفل وهويته ملقيًا كل الحِمِل والأسباب على الوراثة ويتبنّى مقولة "الطبع يغلب التطبّع"، أي أنّ الطباع والسمات المكتسبة بالوراثة هي المسيطرة تمام السيطرة، إذ يُمكنهم رسم ملامح الشخصية  بالإغفال عن عامل البيئة والتربية . هنا نحتاج الوقوف مليًا لكشف المُلابسات بحيث أنّ ليس كل طبع غالب للتطبّع فيمكننا استخدام غلبة التطبّع بالإجمال وليس الإستغراق، ويمكننا أن نميّز بأنّ (السمات الأخلاقيّة) خاضعة للإكتساب، و(السمات المزاجية) خاضعة للوراثة. بيد أنّ هذا الاصطناع بين أصول (المزاج) و (الأخلاق)  ظاهرة تأخذ طابع (التغليب) لا (العموم) (11) .
 
لا ريب في أنّ صفات الآباء والأمهات تلعب دورًا مؤثرًا في تكوين استعدادات خاصّة عند الطفل تجعله أقرب إلى بعض الصفات منها إلى صفات أخرى . وما نستطيع قوله بأنّ نظرية العامل الواحد يُمكن نقضها لأنّ هناك مجموعة عوامل وعناصر تتداخل وتتفاعل فيما بينها لتشكّل هوية الطفل، ومنها العامل الأساسي ألا وهو التربية. 
 
وهنا يمكننا أن نسأل هل كل الاستعدادات الموروثة قابلة للتغيير؟
  •  يمكن تقسيم الاستعدادات الموروثة إلى قسمين:
 أولاً: استعدادات لها طبيعة بيولوجية إمّا محضة وإمّا تنعكس على الخصائص الذهنية كقلة الذكاء، أو البلادة والحمق، أو التخلّف العقلي...، فمثلاً إنّ مرض Phenylketonuria الذي تنتج عنه أعراض التخلّف العقلي، هو قابل للتوارث، ولكن إذا تمّ اكتشاف المرض عن طريق الفحوصات المطلوبة في وقت مبكر كأن يكون قبل دخول الطفل في الشهر الثالث من عمره مثلاً ، فإنّه يُمكن تجنّب تلك الأعراض بدرجة كبيرة، من خلال تجنّب تناول الأطعمة التي تحتوي على بروتينات خاصة تزيد من تراكم المادة الضّارة، والمتسبّبة في إحداث المرض نتيجة تأثيرها على خلايا المخ. وقد أظهرت متابعة العديد من الحالات نجاحًا كبيرًا، وتقدّمًا ملحوظًا في النمو العقلي، حتى يكاد يصبح الطفل طبيعيًّا في سنّ الخامسة من عمره تقريبًا(12). واتضح أنّه كلّما تقدّم التطوّر العلمي عند الانسان كان لديه قدرة أكبر على التحكّم بها، ولكن يبقى الكلام في عدم وفرة هذه الفرص عمليًّا بنحو يستطيعه كل الناس وفي أيّ دولة كانت، لذا ستبقى هذه الاستعدادات غير قابلة للتغيير .
 
ثانيًا: هناك استعدادات قابلة للتغيير والتعديل، بسهولة أو بصعوبة . يقول الشيخ جعفر السبحاني : "لا شك أنّ الاولاد يرثون الصفات الخلقية والروحية على وجه الإجمال، ولكن ما يتركه الآباء والأمهات في هذا المجال يتوضّح في نقطتين :  أولاً: ما يفرض على الأولاد فرضًا لا يُمكن إزالته مثل الحمق، والبلادة، والعقل والذكاء، والجبن والشجاعة وغير ذلك ممّا لا يُمكن إزالته في الأغلب بالجهود التربوية والإصلاحيّة. وثانيًا: ما يرثه الأولاد على زجه الأرضية والاقتضاء، وبصورة تأثير العّلة الناقصة، فيُمكن إزالة آثاره بالوسائل التربوية والطرق العلميّة وذلك كالأمراض الموروثة كالسّل وغيره، ومثل هذا القسم طائفة كبيرة من الروحيات كحالة الطغيان والتمرّد فإنّه يُمكن إزالتها برفع مستوى فكر الإنسان وعقليّته، وإيقافه على عواقب العصيان. فليس كل ما يرثه الأولاد من الآباء والأمّهات مصيرًا لازمًا وقضاء حتمًا، بل هناك فوق بعض ذلك إرادة الإنسان واختياره وسائر العوامل التربويّة المغيّرة لأرضية الوراثة" (13) .
 
  • طبيعة العلاقة بين الوراثة والبيئة والتربية
الاسلام وضع أسس لعملية مزج سليمة بين الوراثة والبيئة والتربية إذ يوضّح العلاقة الجدليّة المتلازمة لهذه العناصر الثلاثة سيرًا في تنشئة الأفراد للوصول إلى الكمال، فكمال المجتمع هو نتيجة لكمال الفرد. توضّح الروايات العديدة ضرورة الإنتقاء الأمثل للأزواج والنتائج المترتّبة على ذلك ويرسم خارطة طريق لهذين الزوجين تحدّد خطوات سليمة ما قبل  انعقاد النُطفة وقُبيل انعقادها إذ يحث الاسلام على ضرورة التزام الأم والأب بالإتيان بالأعمال المستحبّة والابتعاد عن المحرمات والمكروهات، كما أنّه يُسلط الضوء على مدى تأثّر الطفل في المرحلة الجنينية في بطن أمّه، فإنّ التشريع طالما يقدّم توصياته في هذا الصدد، مُشيراً إلى أهمية  (التغذية النفسية للجنين) يقول الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) : "اطعموا حُبالكم ذكر اللبان: فإنَّ يكن في بطنها غلام  خرج زكي القلب... شجاعًا وإن تكن جارية: حسن خلقها وخلقتها" في هذا النص، يشير الامام الرضا(عليه السلام) الى سمات الخلق والشجاعة ونحوهما من الأصول النفسيّة والعقليّة، وانسحابها على الجنين (14) .
 
إذاً الزواج الإنتقائي وتهيأة البيئة الملائمة والمُثلى إبتداءً من البيئة الرحمية والبيئة المحيطة وانتقاء المدرسة والاصدقاء من شأنه أن يُهيّىء الظروف لنحت صورة جميلة لشخصيّة الطفل المرجو الذي نطمح أن نضعه على سكة التكامل وفق نظام تربوي شمولي، تتحدّد احدى مباني هذا النظام التربوي في الاسلام باعتبار أنّ قابليات الانسان هي لا متناهية ومتنوعة. حيث يعتبر السيد القائد الخامنئي (حفظه المولى)، " إنّ الركن والأساس الأوّلي للنظام التربوي في الاسلام هو أنّ في الانسان حالة شاملة واستعدادًا لا متناهٍ للتكامل والنموّ. بالطبع، إنّ هذا الاستعداد محدود بالنسبة للجسد، وله نهاية، أمّا فيما يتعلّق بالمعلومات والأمور المعنويّة والأخلاق فلا حدود لحدودها للإنسان أن يدركها "(15)
 
إذ يتضح لدينا أنّه يُمكن توجيه شخصية الطفل باتجاه مغاير لما هو مكوّن عليه من استعداد خاص منقولاً عليه بالوراثة، حيث أنّنا لا نقف مع نظرية العامل الواحد ونعتبر بأنّ كل مِن البيئة والتربية والوراثة تجتمع وتتداخل فيما بينها نستطيع أن نُعطي كلٍ من هذه العناصر الثلاثة حقّها ودورها في نحت الشخصيّة، ولا بدّ أن نُشير إلى أمرين: أولاً، أنّ الإستعدادات والموروثات لا تنمو تلقائياً بل تتفتّح بالتربيّة والبيئة الحاضنة. وثانيا، إذا كانت الفطرة التوحيدية السليمة التي هي من أشدّ الإستعدادات الخاصّة التي جُبِلت عليها نفس الطفل قابلة لأن تُدفن وتُدس بسبب مؤثرات التربية والبيئة وطبيعة الإستجابة الشخصيّة. 
 

المصادر:
  1. ميزان الحكمة، تأليف الشيخ محمد الريشهري، دار الحديث للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة الاولى (1422 هجري)، ج6، ص 140.
  2. المباني النظرية للتحوّل البنيوي في نظام التربية والتعليم الرسمي والعام في جمهورية ايران الاسلامية ترجمة واصدار المؤسسة الاسلامية للتربية والتعليم (م2015/2016)، ص52.
  3. الطفل بين الوراثة والتربية، محمد تقي فلسفي، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت-لبنان، ص196.
  4. نهج البلاغة: ما اختاره الشريف الرضي من كلام الإمام علي عليه السلام، إصدار سفارة الجمهورية الاسلامية بدمشق، دار التعارف بيروت-لبنان، ص550 (من وصية الإمام علي عليه السلام "عليه السلام" للحسن بن علي عليهما السلام كتبها إليه بحاضرين منصرفًا من صفّين).
  5. النظرة القرانية للمجتمع والتأريخ، أية الله محمد تقي مصباح اليزدي، دار الروضة-بيروت-لبنان (1996م)، ص208-209.
  6. اقتصادنا، محمد باقر الصدر،دار التعارف-بيروت/لبنان (2012م)، ص55.
  7. تفسيرالميزان، محمد حسين الطباطبائي، منشورات مؤسسة الاعلمي للمطبوعات (1997 م)، ج15، ص59. 
  8. ميزان الحكمة، م.س، ج2، ص1183.
  9. الطفل بين الوراثة والتربية، محمد تقي فلسفي، منشورات مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت-لبنان، ص60-61.
  10.  لُبّ الاثر في الجبر والقدر، تقريرًا لمحاضرات الامام الخميني؛ وتليه رسالة أخرى في الأمر بين الأمرين، لأية الله الشيخ جعفر السبحاني، مؤسسة الامام الصادق 1418) هجري)، ص42. 
  11. دراسات في علم النفس الاسلامي، د.محمود البستاني،  دار البلاغة (2010م) بيروت-لبنان،ج1، ص 42. 
  12. علم النفس البيولوجي، سامي عبد القوي علي، مكتبة النهضة المصرية، 1997)م) / lesson 18
  13. الإلهيات، جعفر السبحاني، دار المرتضى للطباعة والنشر والتوزيع بيروت-لبنان، ج1، ص662.
  14. دراسات في علم النفس الاسلامي، م.س، ج1، ص40-41، 
  15. التربية والتعليم وفق رؤية الإمام الخامنئي حفظه الله، أمير حسين بانكي بور فرد، أحمد قماشجي، إصدار مركز الابحاث والدراسات التربوية، طباعة دار البلاغة بيروت-لبنان، ص35. 

الكاتب : فاطمة أحمد حطيط / ماجستر في الارشاد و التوجيه النفس - اجتماعي 
 

أضيف بتاريخ :2017/02/03 - آخر تحديث : 2022/11/22 - عدد قراءات المقال : 29299