التربية بالترفيه

الكاتب: علي الصيلمي*
هو مصطلح حديث يقصد به التربية بالتثقيف والترفيه وتطوير الذات، وهو في الغالب نوع من التسلية كالمسابقات والمشاهدة التلفازية وألعاب الفيديو ومختلف الأنشطة الترفيهية الهادفة.
كم نحن بحاجه اليوم إلى بيئة تربوية جذابة تجعل الناشئة والشباب يقبلون عليها برغبة وشوق، ويقضون فيها ساعات من أوقاتهم وهم يشعرون بالنشاط والحيوية، والفائدة.
يواجه الشباب التربوي تحديات كبيرة ومن أهمها عدم قدرتهم على منافسة ومواكبة الوسائل الأخرى التي تجذب هذه الفئة (من الشباب والناشئة)، وتجعلهم يقضون الساعات الكثيرة في استخدامها: الألعاب الإلكترونية، أجهزة الخليوي، أفلام الكرتون (الرسوم المتحركة) ... هذه وغيرها من الوسائل أصبحت تجذب الشباب إليها وتستهلك الكثير من أوقاتهم، وتجعلهم يعزفون عن الألعاب الحركية، فضلاً عن البرامج التربوية الجادة والنافعة.
ولذلك نحن بحاجة اليوم إلى الجمع بين السلبية والفائدة في كثير من برامجنا وأنشطتنا التربوية للخروج من حالة الجفاف التعليمي، وأن نجعل من أبعادنا التربوية أبعاد جادة وجذابة.
مفهوم الترفيه:
الترفيه في اللغة: يأتي بمعنى التسلية، والتخفيف عن النفس، وتطييب الخاطر يُقال: رفَّه عن نفسه أي: نفَّس وخفَّف عنها، وأزال عنها الضيق والتعب. ويُعرف الترفيه بأنه يدخل السرور على النفس بممارسة نشاط فكري، أو جسدي بعيدًا عن الجدية.
كما ويُعّرف الترفيه بأنه: نشاط حركي أو سمعي أو نظري يبعث فيمن يفعله الراحة والأنس، ويطرد عنه الملل. فاللعب والتسلية القصص وغيرهما كلها ألفاظ مرادفة ومقاربة لمعنى الترفيه ([1]).
والترفيه يشمل مناحي مختلفة، وأنشطة متعددة في حياة الإنسان، فمن ذلك الألعاب الرياضية: ككرة القدم، والكرة الطائرة، وكرة السلة، والركض، والسباحة، والتزلج، والرمي والتصويب، والمسابقات الحركية كشد الحبل وغيرها من المنافسات، وكذلك يشمل الأنشطة الثقافية: كالمسابقات، والأمسيات الثقافية، والإنشاد، ونظم وإلقاء الشعر، وحكاية القصص المشوقة، وكذلك الزيارات الدينية والرحلات ذات الطابع الديني، والأنشطة الفنيّة: كالخط والرسم والزخرفة، وغير ذلك من الأنشطة الترفيهية.
أهمية الترفيه:
يُعد الترفيه عن النفس أحد الحاجات الأساسية عند النفس البشرية السوية، فهو يعمل على تلبية العديد من حاجات النفس الجسمية والفكرية والاجتماعية.
وللترفيه دور في إراحة النفس والمحافظة على صحتها، ووقايتها وعلاجها من العديد من الأمراض كالملل والاكتئاب، والقلق والإحباط، فالترفيه يقلل من حدة هذه الأمراض، ويعيد الراحة والانسجام والتوازن للنفس، ويعمل على تجديد نشاطها وحيويتها.
ومن حق النفس على صاحبها إعطاؤها حقها من الراحة والاستجمام والفرح. قال الله تعالى في كتابه العزيز:
(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ.) ([2]).
ويُعد الترفيه أحد الوسائل الفعّالة لتنمية الجانب الاجتماعي لدى الفرد؛ فيستطيع أن يتكيف ويتعامل مع مجموعة من الرفاق الذين حوله، لأن أغلب هذه الأنشطة تكون ضمن فريق جماعي، وبالتالي تُنمي لدى الشخص العمل بروحية الفريق، وتجعله يدرك أهمية التعاون مع الآخرين لتحقيق النجاح، وكذلك كيف يتعامل ويتحدث ويحاور الآخرين ممن حوله، وكيف يكسب الأصدقاء ويتوافق معهم، ويتبادل معهم الحب والاحترام.
وعليه، يعتبر الترفيه فرصة لاستغلال أوقات الشباب بالنافع المفيد أو في أقل الأحوال باللهو المباح غير الضار؛ لأن النفس إذا لم تَشغل وقتها بما ينفعها ويصلحها، قد تنشغل بأمور أخرى تضرها وتفسدها. يقول أمير المؤمنين الإمام علي (ع): (الوقت كالسَّيف إن لم تقطعْه قطعك).
كما وأن للأنشطة الترفيهية الهادفة دورًا كبيرًا في بناء شخصية الإنسان وتنمية جوانبها، وإكسابها العديد من المعارف والمهارات والخبرات؛ فالترفيه الهادف يُعد وسيلة تربوية فعّالة.
من يتأمل في الكثير من الأنشطة والبرامج التربوية المقامة يُمكن تصنيفها إلى أربعة أقسام ([3]) بناءً على معادلة السعادة والفائدة، على النحو التالي:
ضوابط الترفيه:
إن دين الإسلام منهج حياة، ونظام شامل ومتكامل لكل جوانب حياة الإنسان في جده وهزله، ووقت فراغه ودراسته وعمله، وجميع أفعاله وتصرفاته. والترفيه مشروع إلا ما دل الدليل على تحريمه.
فالأصل في الترفيه أن يكون موافقًا لضوابط الشرعية والفقهية، ومن تلك الضوابط ما يلي:
فالترفيه الهادف المنضبط بضوابط الشرع يُعد وسيلة تربوية مهمة نحتاجها، حتى تكون وسيلة جذب للناشئة والشباب، وتجعلهم يقبلون عليها، ويرغبون في المشاركة في أنشطتها، وهنا تتحقق لهم المتعة والفائدة، وتسهم في بناء جوانب شخصيتهم المتكاملة. عن أمير المؤمنين الإمام عليٍّ (ع) أنه قال: إنَّ القُلوب تَمَلُّ كما تملُّ الأبدان، فابتغوا لها طرائق الحكمة. ([4])
[1]- الترفيه في العمل التربوي rawahel.org، تاريخ الاقتباس: 05/03/2025.
[2] -القرآن الكريم - سورة القصص - الآية 77
[3]- الترفيه في العمل التربوي rawahel.org، تاريخ الاقتباس: 05/03/2025.
[4] - شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد، تحقيق أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، ط2، 1967 م، ج 18، ص 246
*علي الصيلمي ماجتسير في إدارة الأعمال
تعليقات