الدكتور علي كريم
أمام مشهد الحرب وقسوة المعركة، وشهادة الأحبة وبعض القادة، وهدم البيوت وخسارة الأرزاق، بالتأكيد سيحزن الفرد منا، وقد يتعب، وقد يُصاب بشيء من الانكسار أو القنوط أو الإحباط؛ وأمام هذا الموقف، بعض من الإلفاتات التربوية التي يجب على كل منّا أن يربّي نفسه عليها:
هذه الحياة الدنيا، كما تعلمنا من القرآن الكريم وسنّن نبينا وآله (صلوات الله عليهم) هي دار امتحان لكل منا، والحرب هي إحدى أصعب امتحاناتها، وتعلمنا أيضاً أن من يتجاوز هكذا امتحان، فالله سبحانه وتعالى سيرتقي به إلى مقام أعلى، في الدنيا قبل الآخرة.
خوض التجربة بحد ذاتها، تفتح لكل منّا فرصة مراجعة الذات وحساباتها وأولوياتها في هذه الحياة الدنيا، فهل التعلق بالحياة هو فقط لأجل الماديات، أم أن الاعتبارات المعنوية لها موقعها المتقدّم في أنفسنا؟.. وهنا تظهر مدى الترجمة العملية لكل الرصيد الإيماني الذي تربّى عليه الفرد منّا، والذي أحوج ما يكون إليه المرء هو في مثل هذه الظروف.
الحرب بحد ذاتها، ومع كل التهويل والتهديد والتخويف، هي اختبار نفسي لكل فرد في معاني الصبر واليقين والثبات والتماسك والقدرة على المواجهة ورباطة الجأش وتوظيف المخزون القيمي الذي تربّى عليه، ليستحضره في كل تفاصيل يوميات المعركة بمختلف أوجهها وصعدها.
الحرب - أيضاً - هي الترجمة العملية لكل المخزون المعرفي الذي تربينا ونربي عليه اليوم أجيالنا الناشئة، ليميز كل فرد ما بين: الحق والباطل؟.. الظالم والمظلوم؟.. صاحب الحق والمعتدي عليه؟.. النصرة والخذلان؟.. الصديق والعدو؟.. الحقائق والشبهات؟.. إلخ.. ولعل الأحداث والمواقف اليومية كفيلة بتظهيرها.
التعب أو الحزن أو حتى الخوف، أمر طبيعي، ولكن المفارقة في كيف نربي أنفسنا على التعامل في النظرة إليه، ومن يُدير الآخر؟.. فكل منا يتعب ويحزن ويخاف، ولكن، هل أنا الذي أدير هذه الحالات؟.. أم هي التي تسيطر عليّ؟..
الحرب بحد ذاتها تكسر عندنا حاجز خوف الفقد، فعندما نفقد قائداً أو مجاهداً أو عزيزاً أو حتى ما نملكه، نربي أنفسنا على قبول أعلى أسقف الخسارة، ولم يبقَ شيئاً نأسف عليه.
وعلينا أن نربي أنفسنا أن كل انكسار يردّنا إلى الله تعالى هو بحد ذاته انتصار، فكم من موقف واجهناه، أو عايشناه، أو سمعنا به، جعلنا نلجأ إلى الله تعالى بالدعاء والتوسل والمناجاة؟..
ومع كل صعوبة الموقف في كربلاء، تربينا على كلمة السيدة زينب (ع): [ما رأيتُ إلّا جميلاً]..
تعليقات