الدكتور علي كريم
تتعالى بعض الأصوات بين الحين والآخر حول كلفة الحرب، ويذهب البعض للمقارنة بين الكلفة البشرية والمادية عندنا، والكلفة البشرية والمادية عند العدو، ليخلُص إلى نتيجة مفادها: إن ضريبة الحرب كبيرة جداً؛ ولكن في هذا التقدير، مسؤولية تربوية تُحتِّم الإلفات إلى الآتي:
من تربّى على العقيدة الإلهية الإيمانية، يدرك تماماً أن الدنيا وما فيها ما هي إلا دار ممرّ، وليست دار مقرّ؛ لذا فأي خسارة حتى ولو كانت في الأرواح، هي بذل في سبيل الله، وعروج نحوه للوصول إلى مرضاته والحياة الأبدية التي رحل إليها من قبل كل الأنبياء والأولياء والصالحين.
المعركة مع العدو هي معركة كرامة ووجود ودفاع عن الشرف والأرض والعرض ورفض للذل والمهانة، وأمام هذه العناوين ترخص التضحيات، وإلا كيف نفهم حقيقة ما تربّينا عليه في مجالسنا الحسينية من شعارات، وفي مقدمتها شعار (هيهات منا الذلة)؟..
من يُراجع كل معارك التاريخ، سيُدرك تماماً بأن التربية على خوض معركة الحق ضد الباطل تحتاج إلى البذل بأسمى مراتبه، وإلا كيف نفسِّر بأن صفوة الخلق من الأنبياء والرسل والأئمة المعصومين (سلام الله عليهم أجمعين) قدّموا أنفسهم دفاعاً عن الحق، ومتمسكين بالمشروع الإلهي للبشرية.
من قال بأن الكلفة التي نتحمّلها أكبر من تلك التي يتكبّدها العدو؟.. فلو قُدِّر نشر كل ما يخسره العدو في المعركة من خسائر حقيقية، مادية ومعنوية، مرحلية ومستقبلية، لربما تجاوز ما نخسره في جبهتنا، والأمر مرهون بالخواتيم.
المعارك لا تقاس بحجم الخسائر، بقدر ما تُقاس بتحقيق الأهداف، فالقاعدة التي تربّينا عليها هي: الخسائر على نوعين، منها مقدمة للهزيمة، وأخرى ضريبة لتحقيق الانتصار.
{إَنْ كُنْتُم تَألَمُوْن فَإِنَّهُم يَأْلَمُوْن كَمَا تَأْلَمُوْن وَتَرْجُوْنَ مِنَ الله مَا لَا يَرْجُوْن} – سورة النساء المباركة، الآية 104-
تعليقات