في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز الفهم العميق لمفهوم الجهاد وأبعاده التربوية، نظم مركز الأبحاث والدراسات التربوية ندوة بعنوان "التربية الجهادية: قراءة في المفهوم والآفاق" حاضر فيها الشيخ حسان سويدان الذي أكد أن الجهاد في سبيل الله هو أحد فروع الدين الإسلامي، وأن التربية الجهادية تعد أحد الأبعاد التربوية المهمّة التي يجب أن تحظى بالاهتمام، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية اليوم.
وشدد الشيخ سويدان على ضرورة فهم الجهاد بشكل شامل بشكل يتجاوز الجوانب العسكرية التقليدية، وأن التربية الجهادية تشمل إعدادًا نفسيًا، وروحيًا، وعلميًا، وثقافيًا للمجاهدين، مما يمكّنهم من مواجهة التحديات المعاصرة التي تواجه الأمة الإسلامية، فهذه التربية ليست حكرًا على الذكور فقط، بل تتسع لتشمل النساء، اللواتي يلعبن دورًا حيويًا في دعم الجهاد من خلال التحفيز، والدعاء، والدعم الإعلامي.
كما تطرّق إلى أهمية بناء الوعي الجهادي لدى الشباب في سن مبكرة، مؤكدًا أن هذا الوعي يجب أن يرتكز على فهم عميق للعقيدة الإسلامية، وأن يتماشى مع القيم الأخلاقية والدينية التي تؤسس للسلوك الجهادي الصحيح، لافتًا إلى أن هذا الأمر يتطلّب وضع مناهج تربوية خاصة، تعتمد على القرآن الكريم والسنة النبوية، وتستفيد من التجارب التاريخية للأمة الإسلامية في مجالات الجهاد والمقاومة.
وبيّن أن هناك ضرورة لدمج التربية الجهادية في المناهج الدراسية، بحيث تصبح جزءًا لا يتجزأ من عملية التربية والتعليم في العالم الإسلامي، وأن هذه المناهج يجب أن تراعي الفروق الفردية بين المتعلمين، وأن تقدم لهم محتوى يلبّي احتياجاتهم الفكرية والنفسية، مما يسهم في تكوين جيل قوي وقادر على الدفاع عن الأمة لتواكب التطورات المعاصرة.
بناء على ما تقدم، تأتي أهمية تعزيز التواصل بين مختلف المؤسسات التعليمية والدينية لتوحيد الجهود في مجال التربية الجهادية، إذ إنّ هذه التربية، بحسب الشيخ سويدان، "ليست مجرد إعداد لمواجهة التحديات العسكرية، بل هي أيضًا بناء لشخصية الإنسان المسلم القادر على المساهمة في نهضة الأمة وتحقيق تطلعاتها في الحرية والكرامة وتقديم صورة متكاملة للجهاد، ما يعني أن الجهاد ليس مجرد قتال، بل هو مشروع حضاري شامل يسعى لتحقيق الخير والعدل للبشرية".
وفي ختام حديثه، حثّ الشيخ حسان سويدان على ضرورة التركيز على المعنى الحقيقي للجهاد وعلاقته بالمقاومة العسكرية، ومدى احتياجه إلى تربية خاصة، وكيفية تأثير التربية الجهادية على المجتمع والأجيال القادمة، متسائلًا عن الفارق بين التربية الجهادية والتربية العسكرية التقليدية.
بدوره، عرض الدكتور عبد الجواد قصير خلال الندوة استطلاعًا ميدانيًّا أجراه مركز الأبحاث والدراسات شارك فيه نحو 900 شخص من مختلف الفئات العمرية والمستويات العلمية، حيث أظهرت النتائج أن هناك شبه إجماع على أن الجهاد يحتاج إلى تربية خاصة.
كما أشار الاستطلاع إلى أن التأهيل الثقافي والإعداد الروحي يأتيان في مقدمة أشكال التربية التي يحتاجها المجاهد، يليهما التدريب العسكري بفارق بسيط على مستوى الأهمية.
أما عن دور الفتيات والنساء في الحرب، فقد أظهر الاستطلاع أن التحفيز والمساندة المعنوية، والدعاء، والدعم الإعلامي كانت من بين الأدوار التي يمكن للنساء القيام بها، في حين كانت نسبة من يعتقدون بعدم وجود دور للنساء في الجهاد تقارب الصفر.
كذلك أظهر الاستطلاع أن الجهاد العسكري يحتل الصدارة، يليه الجهاد الأخلاقي والثقافي والتربوي والاجتماعي، بينما حل الجهاد السياسي والاقتصادي في المراتب الأخيرة، وأكد أن واقع التربية الجهادية في المجتمع بشكل عام سليم، لكنّه بحاجة إلى تعزيز وتوعية مستمرة لتحسين فهم الناس للجهاد وأدواره.
نشر المقال على موقع العهد الاخباري
تعليقات