Cancel Preloader
دراسات ومقالات عامة

حزب الله وتعزيز التربية المقاوِمة: استراتيجية شاملة لمواجهة الهيمنة

  • 2024-08-08
  • 114
حزب الله وتعزيز التربية المقاوِمة: استراتيجية شاملة لمواجهة الهيمنة

في ظل التحديات المختلفة التي تواجه فكرة المقاومة ومفاهيمها، يبرز حزب الله كقوة رئيسية في تعزيز قيم المقاومة والدفاع عن السيادة الوطنية من خلال استراتيجيات متنوعة تخطَّت المجال العسكري، حيث أصبح حزب الله يعمل على توجيه بوصلة الصراع نحو مواجهة الهيمنة في جوانب الحياة المختلفة، وتنشئة الأجيال الجديدة على قيم المقاومة، وصولًا لاستخدام شتى الوسائل في نشر الوعي والتصدي للدعاية المضادة وتوعية المجتمع اللبناني لأهمية المقاومة كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية والدينية.

مدير مركز الأبحاث والدراسات التربوية الدكتور عبد الله قصير أكَّد في حديثٍ لموقع العهد الإخباري أنَّ التربية المقاوِمة تعني الوقوف في وجه مشاريع العدوّ سواءً كان احتلالًا مباشرًا أو حربًا إعلامية أو اقتصادية، إذ إنَّ المقاومة ليست فقط عملًا عسكريًا بل هي أيضًا موقف نفسي واجتماعي واقتصادي، فهذا الفهم الشامل يساعد على الدخول في الموضوع بشكل صحيح.

وبيَّن الدكتور قصير أنَّ "هناك اختلافًا في نظرة الشعوب داخل جبهة المقاومة حول التربية المقاوِمة، ولكن مع ذلك فإن مبدأ الوقوف في وجه عدوانية "إسرائيل" وأميركا مُوحَّد، وقد نجد مثلًا أنَّ الساحة اليمنية تمارس المقاطعة الاقتصادية بشكل كامل، بينما في لبنان قد تكون المقاطعة جزئية وموسمية. هذا التنوع في الأساليب يعكس التفاوت في الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لكل بلد".

وأضاف: "في العراق وسورية، نرى أنَّ التربية على المقاومة تأخذ طابعًا خاصًا بسبب الظروف الأمنية والسياسية المعقّدة. بينما في مصر والأردن، ورغم عدم وجود مشاركة عسكرية مباشرة، نجد أن هناك مقاطعة اقتصادية قوية وحملات توعية ضدّ التطبيع مع "إسرائيل"، وهذا يؤكد أن المقاومة ليست محصورة في الجانب العسكري فقط، بل تشمل جميع أشكال النضال المتاحة".

حول التحديات التي تواجه شرعية المقاومة في لبنان، أشار إلى أن هناك أجهزة تعمل على بث دعاية مضادة للمقاومة وحملات مدفوعة الأجر تدعو لوقف الحرب وتحاول نشر حالة من البلبلة، لكننا في لبنان تعودنا على مثل هذه الأصوات النشاز ولم تعد تؤثر في بيئة المقاومة. بل بالعكس، نجد أن البيئة المقاومة في لبنان أصبحت أكثر تماسكًا وصلابة رغم هذه التحديات".

وتابع القول: "لبنان يتمتع بوجود مساحة واسعة من الحرية الإعلامية والسياسية، مما يجعله ساحة مفتوحة للتأثيرات الخارجية. هذا يزيد من التحديات التي تواجه المقاومة، حيث تعمل بعض الأجهزة المخابراتية على بث دعاية مضادة للمقاومة، محاولة خلق حالة من الارتباك والتشويش بين المواطنين. ومع ذلك، نجد أن الشعب اللبناني وبخاصة مجتمع المقاومة قد أثبت قدرته على مواجهة هذه الدعايات والتمسك بقيمه ومبادئه".

وفي ما يتعلق بالرؤية المستقبلية لتعزيز حق المقاومة والتربية عليها، يرى الدكتور قصير أنَّ "المقاومة واجب ديني ووطني وقومي وإنساني، وأنَّ هذه القيم يجب أن تكون مغروسة في الأسرة والمدرسة والإعلام والمجتمع التي علينا أن نربي الأجيال على احترام وتبني هذه القيم". 

وأوضح أنَّه "من الضروري أن نعمل على توعية الجيل الجديد حول أهمية المقاومة وأسبابها. يجب أن نوضح له أن المقاومة ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة للحفاظ على الكرامة والسيادة الوطنية. هذا يتطلب مواجهة دينية واجتماعية وثقافية متكاملة، تبدأ من الأسرة وتمتد إلى جميع مؤسسات المجتمع".

واعتبر الدكتور قصير خلال حديثه لـ "العهد" أنَّ الإعلام يلعب دورًا حيويًا في دعم التربية على المقاومة، مضيفًا: "منذ انطلاقة حزب الله، تم التركيز على أن قضية المقاومة مقدسة. الإعلام يساعد في نشر هذه القيم وتعزيزها بين الناس، ويعمل على كشف الدعايات المضادة والرد عليها".

وشدد على أنَّ "الإعلام المقاوم يجب أن يكون شريكًا في عملية التربية، من خلال تقديم محتوى يعزز قيم المقاومة ويفضح الدعاية المضادة. هذا يتطلب استراتيجية إعلامية مدروسة، تستهدف جميع الفئات العمرية وتستخدم مختلف الوسائط الإعلامية لتحقيق أكبر تأثير ممكن".

وحول كيفية الحفاظ على الهوية الدينية والمقاومة في ظل العولمة والتحديات الاجتماعية المستجدة، لفت مدير مركز الأبحاث والدراسات التربوية إلى أنَّ الأسرة هي النواة الأولى في التربية على المقاومة التي يجب عليها غرس قيم المقاومة وصولًا إلى المدارس والإعلام والمجتمع الذي يلعب دورًا كبيرًا في هذا المجال".

واستطرد الدكتور قصير قائلاً: "في ظل العولمة والغزو الثقافي، يصبح الحفاظ على الهوية الدينية والوطنية تحديًا كبيرًا، حيث يجب أن نعمل على ترسيخ هذه الهوية من خلال التربية على القيم الدينية والوطنية، وتعليم الأجيال الجديدة أهمية المقاومة كجزء من هويتها. هذا يتطلب تكاتف جميع الجهود من الأسرة والمدرسة والإعلام والمجتمع. "

ورأى أنَّ حزب الله يعمل على دمج الدافع الديني مع الدافع الوطني، معتبرًا أنَّه لا يوجد تناقض بين الهوية الوطنية وهوية المقاومة. بالعكس، هناك تكامل بينهما، والدفاع عن الوطن هو حق مشروع دوليًا، حيث قذّم الحزب خطابًا دمج فيه الدافع الديني مع الدافع الوطني بشكل يجد قبولًا واسعًا بين اللبنانيين من مختلف الطوائف والاتّجاهات، ويؤكد على أنَّ الدفاع عن الوطن هو واجب على كلّ مواطن وذلك من أجل العمل على تعزيز الخطاب الوطني وتوسيع دائرة المؤيدين للمقاومة".

وحول المقاومة الاقتصادية، بيّن الدكتور قصير أنَّ المقاومة الاقتصادية هي جزء أساسي من منظومة المقاومة الشاملة. يجب أن نعمل على تعزيز هذه المقاومة من خلال التوعية حول أهمية المقاطعة الاقتصادية ودورها في ضرب اقتصاد العدو. هذا يتطلب تكاتف الجهود من الحكومة والمجتمع المدني والجمهور العام".

وفي ختام حديثه لموقعنا دعا الدكتور عبد الله قصير "مجتمع المقاومة وبيئتها إلى وجوب إثارة مسألة التربية المقاوِمة وتوعية الناس حول أهمية هذه القيم، إذ إننا جميعًا مسؤولون عن نشر ثقافة المقاومة في كلّ المجالات، فالتربية على المقاومة على حد تعبيره ليست مهمّة فردية، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب تكاتف الجميع".

 

مقال منشور من موقع العهد 

آخر تحديث : 2024-08-08
الكلمات المفتاحية للمقال:
مشاركه في:

تعليقات

اترك تعليقك هنا