الى الاعلى
  • إذا قعد أحدكم في منزله فليُرخِ عليه ستره، فإنّ الله تعالى قسم الحياء كما قسم الرزق"النبي عيسى(ع)"

المدرسة المعاصرة والأسرة بين التكامل وإلغاء الأدوار


المدرسة المعاصرة والأسرة بين التكامل وإلغاء الأدوار

 

استطلاع من إعداد الشيخ د. محمد النمر والأستاذ عبد الجواد قصير

تعتبر المدرسة في مختلف العصور من أهم العوامل المؤثرة في تكوين شخصية المتربي وتعليمه وتنشئته اجتماعيًا وإكسابه المهارات اللازمة للتأقلم مع واقعه الاجتماعي، فضلاً عن نقل القيم والمعارف، وأداء دور هام في حل مشكلات المجتمع. وقد تطورت هذه المؤسسة من حيث البناء والإدارة والوظائف من عصر إلى عصر، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه في عصرنا الراهن. وفي المقابل ومع تطور وظائف المدرسة تبلورت وظائف جديدة للأسرة، وتنامت أكثر فأكثر لتتكيّف -الأسرة- مع الواقع الجديد.


 لكن وجود ثغرات في كيفية توزيع الأدوار التربوية أدى إلى وجود  تعارض واختلاف بين وظائف المدرسة ووظائف الأسرة، فتسعى كل مؤسسة لتحقيق دورها ووظيفتها تارة بتناغم وتواؤم فيما بينها وتارة أخرى مع تعارض وتزاحم لأخذ أدوار ووظائف بعضها البعض، وهذه المسألة من الأمور الهامّة التي يمكن التركيز عليها لمعرفة مدى التعارض بين المؤسستين وإلغاء الأدوار، وذلك بالرغم من كل التشديد والدعوة إلى التكامل وتوزيع الأدوار فيما بينهما. 


وباعتبار أن هناك عوامل كثيرة مؤثرة في العلاقة بين المؤسستين كمسألة اختلاف الرؤية التربوية بين الأسرة والمدرسة ومسألة الموازنة بين العامل الاقتصادي وجودة التعليم ومدى كفاءة الإدارة في المدرسة وقدرة الأهل على مواكبة متطلبات المدرسة التعليمية والتربوية وقدرة المناهج التعليمية على مواكبة التطور الحاصل في المجتمع والذي يحتاج إلى تخطيط مسبق، فضلاً عن التطورات التي تحدث بشكل مفاجئ كجائحة كورونا وقدرة الإدارات التربوية والتعليمية والهيئات التعليمية على التأقلم مع واقع التعليم الجديد (المدمج والمجازي)، قام مركز الأبحاث والدراسات التربوية بإجراء استطلاع حول [المدرسة المعاصرة والأسرة بين التكامل وإلغاء الأدوار]، شارك فيه 217 مستطلعاً، بهدف الاستقصاء عن واقع وظائف المدرسة والأسرة، انطلاقًا من سؤال: هل يوجد بينهما تكامل أم إلغاء أدوار؟.. وأيضاً للتعرف على بعض العوامل المؤثرة في العلاقة بين المؤسستين من خلال عدد من المؤشرات، بالإضافة إلى تبيين أهم الاقتراحات والحلول التي اقترحها المستطلعون لتعزيز التكامل بينهما وقد جاءت النتائج على الشكل الآتي:

 

 

 

 

 

واذا لاحظنا النتائج الإحصائية نجد بأنّه:

  1. لا يوجد فوارق بين المعلمين وأولياء الأمور في مدى موافقتهم على كل العبارات.

  2. لا يوجد فوارق بين الذكور والإناث في مدى موافقتهم على كل العبارات ما عدا العبارة الأولى، حيث تعتبر الإناث أن المدرسة تكمل دور الأسرة في التربية أكثر من الذكور.

  3. لا يوجد فوارق بين مختلف الفئات العمرية في مدى موافقتهم على كل العبارات.

  4. لا يوجد فوارق بين آراء أولياء الأمور بحسب نوع مدرسة أبنائهم في مدى موافقتهم على كل العبارات ما عدا العبارة الرابعة، حيث يعتبر أولياء الأمور الذين لديهم أبناء في المدرسة الرسمية أكثر ممن لديهم أبناء في المدرسة الخاصة أن هناك تعارضاً بين الوظيفة التربوية للمدرسة والوظيفة التربوية للأسرة.

  5. لا يوجد فوارق بين آراء المعلمين بحسب نوع المدارس التي يعلّمون فيها في كل العبارات. 

تؤكد نتائج هذا الاستطلاع أنّ هناك قناعة لدى نسبة كبيرة من المستطلعين على أهمية التكامل في العلاقة بين المدرسة والأسرة، كما أنّ الأزمات المتتالية (صحية - اقتصادية ..) تدفع باتجاه تعزيز دور الأسرة التعليمي وزيادة مواكبتها لمتطلبات المدرسة لمساعدة المتربّين على التعلم بشكل أفضل، وأن هذه العلاقة تتأثر بعدة عوامل (أشرنا لها في المقدمة)، كما تؤكد النتائج أنّ أكثر من نصف المستطلعين-وهي نسبة كبيرة- يرون أنّ هناك تعارضاً بين وظائف المدرسة ووظائف الأسرة لأسباب مختلفة.

 


التواصل والتفاعل المتبادل بين الأسرة والمدرسة 


إن علاقة المدرسة بالأسرة يجب أن ترتكز عل مبادئ التواصل والتفاعل المتبادل والشراكة الفعالة والحقيقية والتكاملية فإذا كانت هذه الشراكة فاعلة فقد نُنشئ أفرادًا ذوي تربية وتعليم وسلوك وأكثر فاعلية، وأكثر إنتاجًا، وينبغي أن تكون هذه الشراكة على أسس من التفاهم والتعاون، بهدف الارتقاء بمستوى الأبناء التعليمي التربوي، وقد لا يتم ذلك إلا بإدراك كلا الطرفين (الأسرة والمدرسة) لأهمية دور كل منهما في العملية التربوية والتعليمية، مع تسخير كل الإمكانيات والوسائل والسبل الكفيلة لتفعيل هذه العلاقة على مستوى التطبيق والممارسة. وقد سألنا المستطلعين عن: الوسائل والأساليب التي تحتاجها الأسرة لتعزيز الجانب التعليمي لديها في التعليم المدمج أو عن بعد،  فكانت النتائج على الشكل الآتي:

  1. توفير المستلزمات التقنية والتكنولوجية (كهرباء، إنترنت، أجهزة،...)

  2. تفعيل التعليم الحضوري عند الإمكان.

  3. تدريب الأهل وتأهيلهم للقيام ببعض المهام التعليمية وتوفير أدلة تعليمية لهم.

  4. رفع مستوى التنسيق بين المدرسة والأهل.

  5. اعتماد مناهج وأساليب وبرامج زمنية أقل ضغطاً وتراعي واقع الأهل والتلاميذ.

  6. خفض الضغوط النفسية لا سيما الناتجة عن التعلم.

 

أما نتائج المستطلعين حول: عوائق مشاركة الأسرة في العملية التعليمية في الأزمات، فكانت على الشكل الآتي:

  1. الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية النفسية الضاغطة على الأهل والأبناء.

  2. العوائق التقنية لجهة انقطاع الكهرباء والإنترنت والنقص في الأجهزة الإلكترونية اللازمة.

  3. ضعف خبرات ومهارات بعض الأهل في التعليم المتناسب مع المناهج المعتمدة في المدرسة.

  4. ضعف اقتناع بعض الأهل بجدوى التعليم من بعد.

  5. كثرة مشاغل الأهل وانشغالهم عن متابعة أبنائهم تعليمياً.

 

وهذا يستدعي من المدرسة أن تتحمل المسؤولية من أجل تلبية حاجات تلاميذها التربوية والتعليمية وتأدية وظائفها بشكل فعال، من خلال برامج ومناهج قوية وشاملة وتلبي حاجات المتربّين، بالإضافة إلى اختيار مكان مناسب للعملية التربوية ومن خلال إدارة قوية ونشيطة وتمتلك رؤية تربوية واضحة وشاملة بالإضافة إلى كادر تعليمي متمكن وقدير ويتمتع بمواصفات تساعد في عملية تنمية الطفل وتعزز قدراته العلمية والتربوية، وتنمي القيم الأخلاقية والدينية والاجتماعية لديه. ويراعي الأعباء الملقاة على كاهل الأسرة بسبب الأوضاع الصحية والاقتصادية والاجتماعية ومستوى الأهل التعليمي ومدى قدرتهم على مواكبة أبنائهم بالشكل المطلوب.

 

لتنزيل الاستطلاع إضغط هنا 


 الشيخ الدكتور محمد النمر باحث متخصص في اعداد المناهج التربوية 

 الاستاذ عبد الجواد قصير مدير الاحصاء في مركز الأبحاث والدراسات التربوية وطالب دكتوراه.
 

أضيف بتاريخ :2022/01/04 - آخر تحديث : 2022/11/22 - عدد قراءات المقال : 3757