الى الاعلى
  • أكرموا أولادكم، وأحسنوا آدابهم يُغفرْ لكم "الإمام الصادق (ع)"

العلاقة بين سمات القائد والدَّافعيَّة لدى الكشفيِّين نحو البرامج التَّربويَّة الكشفيَّة


 
رسالة تخرًّج اختصاص التَّربية والتَّعليم

العلاقة بين سمات القائد والدَّافعيَّة لدى الكشفيِّين
نحو البرامج التَّربويَّة الكشفيَّة


"قائد عشيرة الجوالة في جمعيَّة كشَّافة الإمام المهديِّ(عجَّل الله فرجه) - بيروت"

 

الطَّالب: محمَّد علي أخضر
العام الدِّراسي 2019/2020


لا بدَّ من الإشارة:
نوقشت الرِّسالة بتاريخ 20/12/2019م في جامعة آزاد الإسلاميَّة فرع لبنان مكتب بيروت، وتمَّ تحصيل علامة 17.5/20 بتقدير جيِّد جدًّا؛ وقد أوصت لجنة المناقشة وأكَّدت بشدة على نشرها، لاعتبارها من أفضل ما قدِّم من دراسات؛ لجهة اللغة والتَّرابط والتَّسلسل والمنهجيَّة فضلاً عن المضمون وصياغته، كما أكَّد الدُّكتور المشرف على نشرها لاعتمادها كمرجعيَّة في المنهجيَّة.

 

تمهيد:


يُقال أنَّ القيادة فنُّ التَّأثير في الآخرين؛ وهذا يلقي الضَّوء على أهمِّيَّة أن تكون هناك قيادة سليمة في إدارة وقيادة الأفراد؛ كي يتمَّ التَّأثير فيهم للقيام بالإنجاز والتَّقدُّم، وأصبحت القيادة معيارًا وموضوعًا مهمًّا، يعتمد في دراسة مدى نجاح المنظَّمات والمؤسَّسات، وأصبحت القيادة المعيار الذي يحدَّد على ضوئه نجاح أيِّ تنظيم إداريٍّ، فكيف إذا كان الأمر في مجال التَّربية والتَّعليم.
يحتاج المرء المتلقِّي أي المتعلِّم في التَّربية والتَّعليم إلى دفعه والتَّأثير به إيجابًا للإندفاع والتَّحفُّز كي يتقدَّم ويتسامى في شخصيَّته ويبنيها بناءً سليمًا؛ وهنا الرَّبط بين القائد المربِّي وحصول الدَّافعيَّة أمرٌ مهم لتتمَّ العمليَّة التَّعليميَّة والتَّعلُّميَّة والتَّربية على أكمل وجه، وكلَّما اتَّصف القائد بالسِّمات القياديَّة الشَّخصيَّة زاد حجم التَّأثير لدى المقود وارتفع مستوى الدَّافعيَّة للإنجاز والتَّعلُّم وتلقُّف الأهداف والوصول إلى الغايات، وهنا أيضًا تعتبر الدَّافعيَّة من المواضيع التي تعني التَّربية والتَّعليم؛ والبحث فيها يعني الكشف عن الأسباب الرَّئيسيَّة التي تقف وراء السُّلوكيَّات الإنسانيَّة من حيث تنوُّعها والتَّغيُّر الذي يحدث فيها.
تتحدَّث هذه الدِّراسة عن موضوعين مهمَّين "سمات القائد" و"الدَّافعيَّة"، ويجري الحديث عنهما ضمن دراسة علميَّة ممنهجة، اعتمدت على نموذج ميدانيٍّ أدى للوصول إلى نتائج مهمَّة، وأتى ذلك في خمسة فصول، الفصل الأوَّل: الإطار العام للدِّراسة، الفصل الثَّاني: الإطار النَّظري للدِّراسة، الفصل الثَّالث: منهجيَّة الدِّراسة، الفصل الرَّابع: تحليل البيانات، والفصل الخامس: النَّتائج والتَّوصيات، وفيما سيأتي بعض وأبرز ما ورد في هذه الفصول.

 

ملخَّص الدِّراسة:


تركَّز هدف الدِّراسة حول الكشف عن العلاقة بين سمات القائد والدَّافعيَّة، فاختيرت "سمات القائد" كمتغيِّر مستقلٍّ لدراسة علاقته مع أبعاد ثلاثة للمتغيِّر التَّابع "الدَّافعيَّة"، وتكوَّن مجتمع الدِّراسة من جميع أفراد وعناصر عشائر الجوالة (الذُّكور) المنتسبين إلى جمعيَّة كشَّافة الإمام المهديِّ(عجل الله فرجه) في منطقة بيروت أحد أماكن الانتشار في المناطق اللُّبنانيَّة والبالغ عددهم 1473 جوَّالًا، وجاء حجم العيِّنة النِّهائيَّة مؤلَّفًا من 166 جوَّالًا.
 

 


تلخَّصت إشكاليَّة الدِّراسة بالسُّؤال الرَّئيسيِّ التَّالي: هل يوجد علاقة بين سمات القائد والدَّافعيَّة لدى الأفراد في المجتمع محلِّ الدِّراسة من وجهة نظرهم؟ واعتُمدت الفرضيَّة العدميَّة الصِّفريَّة أي لا يوجد علاقة بين سمات القائد والدَّافعيَّة.


اتُّبع في هذه الدِّراسة "المنهج الوصفيُّ التَّحليليُّ"، واعتُمد كلٍّ من: "الاستبانة" كأداة وأسلوب لجمع البيانات والمعلومات، و"البرنامج الإحصائيُّ SPSS" لإجراء الإختبارات وجمع النَّتائج، واحتُسبت العديد من "المقاييس والاختبارات الإحصائيَّة" التي ساهمت في تحليل البيانات والتَّأكد من صدق الأداة وثباتها.
توصَّلت الدِّراسة إلى وجود علاقة إيجابيَّة قويَّة ذات دلالة إحصائيَّة على مستوى أقلَّ من 0.05 بين سمات القائد والدَّافعيَّة في المجتمع محلِّ الدِّراسة، وتمَّ بذلك رفض الفرضيَّة العدميَّة الصِّفريَّة، وظهر أنَّ نسبة تأثير المتغِّير المستقل (سمات القائد) على المتغيِّر التَّابع (الدَّافعيَّة) وصلت إلى 64.9%، وهي نسبة جيِّدة ومهمَّة.
نتج خلال العمل بالدِّراسة مجموعة من التَّوصيات أبرزها توصية الباحثين بإنتاج دراسات جديدة حول التَّربية وآثارها من الجوانب المختلفة في الحركة الكشفيَّة عمومًا وجمعيَّة كشَّافة
الإمام المهديِّ(عجل الله فرجه) خصوصًا، وتوصية للجمعيَّة نفسها الاستمرار في إيلاء العناية لإعداد القادة من ذوي السِّمات القياديَّة لما له من أثر على مشاركة الأفراد في البرامج التَّربويَّة الكشفيَّة، والتَّأكيد على إعطاء الاهتمام لرفع الدَّافعيَّة لدى الأفراد الكشفيِّين نحو البرامج التَّربويَّة الكشفيَّة، من خلال طرق أخرى إضافةً إلى الاعتماد على سمات القائد.

 

حول الفصل النَّظري:


يعتبر محتوى هذا الفصل أساسيُّ في الدِّراسة والبحث، وهو المنطلق الذي يُعتمد عليه في استطلاع واستقراء آراء المبحوثين، وهو يأخذ الجانب النَّظريَّ والعلميَّ من مختلف الزَّوايا المتعلِّقة بموضوع البحث وهو هنا: القيادة وسماتها وعلاقتها بالدَّافعيَّة، ويدرس ويغوص فيها ليتحرَّى كلَّ العناوين الفرعيَّة التي يحتاجها استكشاف الموضوع.
احتوى هذا الفصل على خمسة مباحث: الأوَّل حول القيادة ونظريَّاتها وسمات القائد الشَّخصيَّة وبعض العناوين المرتبطة من معانٍ وتعريفات وأهمِّيَّة، الثَّاني حول الدَّافعيَّة والنَّظريَّات التي تتحدَّث عنها وتعريفاتها وأبعادها ووظائفها، وجرى تنسيق المواضيع الفرعيَّة وتوجيهها بما يفيد في البحث والدِّراسة المطلوبة، وفي المبحث الثَّالث عولج موضوع العلاقة بين المتغيِّر المستقل (الأوَّل) في البحث «سمات القائد»، والمتغيِّر التَّابع (الثَّاني) «الدَّافعيَّة» بأبعاده الثَّلاثة: «خلق الاهتمام نحو موضوع التَّعليم»، «ملاءمة المحتوى لدوافع التَّعلُّم»، و«تعزيز الثِّقة لدى المتعلِّمين»، أمَّا في الرَّابع أدرج فيه عدد من الدِّراسات السَّابقة المرتبطة بعنوان الدِّراسة الحاليَّة، وأخيرًا المبحث الخامس جرى الحديث فيه عن جمعيَّة كشَّافة الإمام المهديِّ(عجَّل الله فرجه) باعتبار أنَّ مجتمع الدِّراسة يندرج ضمن نطاق عملها ومهمَّتها وفرض هذا المبحث الحديث عن الجوالة وبرامجها.

 

بعضٌ من المعالجة النَّظريَّة للعلاقة بين سمات القائد والدَّافعيَّة:


جرى الحديث عن قراءة وتحليل مدى العلاقة بين: المتغيِّر المستقل (الأوَّل) في البحث «سمات القائد»، والمتغيِّر التَّابع (الثَّاني) «الدَّافعيَّة» بأبعاده الثَّلاثة: « خلق الاهتمام لدى المتعلِّم نحو موضوع التَّعليم»، «ملاءمة المحتوى لدوافع التَّعلُّم»، و«تعزيز الثِّقة لدى المتعلِّمين»، ويمكن وصف هذه العلاقة بأنَّها نوع من العلاقات الإنسانيَّة التي تقوم بين أفراد الجماعة الواحدة نتيجة التَّفاعل الاجتماعيِّ فيما بينهم؛ ووجود الجماعة يتطلَّب وجود من ينظِّم العلاقات بين اعضائها ويوجِّههم، لأنَّ الجماعة لا يمكن أن تعمل بدون توجيه، والعلاقة هنا هي بين فردٍ يحمل العديد من السِّمات الشَّخصيَّة التي تؤهِّله أن يكون في الصَّدارة ليقود مجموعة من الأشخاص السَّاعين إلى تحقيق أهداف وغايات مرسومة، فهو المسؤول عن حثِّهم وتشجيعهم وبثِّ روح الإقدام فيهم للوصول إلى تلك الأهداف والغايات، وتدفعهم نحو تحقيق النَّجاح وتجنُّب الفشل، ومن هنا تبدو العلاقة وثيقة بين «سمات القائد» ومفهوم «الدَّافعيَّة» بما تحمله من حوافز معنويَّة ومادِّيَّة وتشكِّل عنصرًا أساسيًّا من عناصر التَّعلُّم؛ وما مرَّ في الحديث عن تعريف القيادة ضمن المبحث الأوَّل من هذا الفصل يزيد مستوى التَّأكد من ذلك.

 

مجتمع الدِّراسة وعلاقته بسمات القائد:


تُولي جمعيَّة كشَّافة الإمام المهديِّ(عجَّل الله فرجه) اهتمامًا بالغًا بأداء القائد الكشفيِّ ليقوم بدوره ومهامه كمربٍّ ومعلِّم، وهي تعقد عليه الآمال في تحقيق رسالتها التَّربويَّة وتطبيق مناهجها التَّربويَّة؛ ولهذه الغاية تعمل جاهدةً على ورفع مستواه القياديِّ بشكل أشمل وأوسع من كونه ناقلًا للمواد التَّعليميَّة أو الأكاديميَّة، وتوظَّف أقصى ما عندها في سبيل تأهيله وتدريبه وإكسابه الخبرات والمعارف وصقل مهاراته وتعزيز اتِّجاهاته الإيجابيَّة وتعديل سلوكيَّاته السَّلبيَّة التي تخرجه عن كونه القائد المربِّي والموجِّه والميسِّر، وعلى مدى تاريخ تطوُّرها عملت على تطوير وملاءمة برامجها ومناهجها التَّدريبيَّة الخاصَّة بالقائد مع التَّطوُّر الحاصل في المجال التَّربويِّ القياديِّ، ولم توفِّر خطوةً أو جهدًا لإيجاد منهج متطوِّر رائد ومعاصر، فأنجزت منهاجها التَّدريبيَّ الجديد وأطلقت عليه «منهاج تنمية القيادات» من أجل أن يقوم هذا المنهاج بتعزيز كفاءة القائد المعنيِّ بإدارة تنفيذ المسارات التَّربويَّة التي تتضمَّن أهداف ومطالب المراحل.
يؤكِّد ذلك مع ما تمَّ تقديمه والحديث عنه عن مجتمع الدِّراسة في الفقرات السَّابقة وجود العلاقة بين المجتمع الأصغر المتمثِّل بالجوَّالين الموجود ضمن دائرة الجمعيَّة المجتمع الأكبر للدِّراسة مع ما يُراد بحثه حول سمات القائد المتغيِّر الأوَّل في هذا البحث.

 

مجتمع الدِّراسة وعلاقته بالدَّافعيَّة وأبعادها:


إنَّ جمعيَّة كشَّافة الإمام المهديِّ(عجَّل الله فرجه) هي مؤسَّسة تسعى إلى تحقيق غاياتها تربويَّة، ومن أبرز مصادرها ومرتكزاتها النَّظريات التَّربوية الحديثة، وتقصد بها "حصيلة جهود العلماء في الحقل التَّربويِّ وما أنتجته من فكر تربويٍّ يؤسِّس لنظريَّات تربويَّة تستند إلى الأبحاث والدِّراسات للاستفادة منها بما يتناسب مع خصوصيَّاتنا (أي كجمعيَّة) في عمليَّة البناء التَّربويِّ للأفراد، والتي تتمثَّل عادةً في ما كشفت عنه الدِّراسات والأبحاث من حاجاتٍ جسميَّةٍ و عقليَّةٍ وروحيَّةٍ ونفسيَّةٍ واجتماعيَّةٍ للفرد، والذي لا يتعارض مع المبادئ والأصول الدِّينية الشَّرعيَّة" ، والدَّافعيَّة بأبعادها من المفاهيم المهمَّة في حقل التَّريية، وقد تبنَّت الجمعيَّة ما هو مناسب لها حول هذا المفهوم، الأمر الذي بيِّن وجود العلاقة الواضحة بين هذا المفهوم (الدَّافعيَّة) ومجتمع الدِّراسة التي في صدد إكمالها.

 

خلاصة ما جاء في الفصل النَّظري:


تناول الفصل الثَّاني الجانب النَّظريَّ لمتغيِّرات الدِّراسة بكلِّ تفريعاته، وانتقل الكلام إلى معالجة العلاقة بين المتغيِّرات وأبعادها، ثمَّ إلى الحديث عن علاقة مجتمع الدِّراسة بهذه المتغيِّرات من النَّاحية النَّظريَّة.
وقد ورد ما ملخَّصه "أنَّ القيادة تمتلك تأثيرًا مهمًّا على إنجازات المتعلِّمين"، وأنَّ وظيفتها الأساسيَّة "العمل مع الجماعة ولمصلحتها في عمليَّة تربويَّة اجتماعيَّة تحتاجها كلُّ جماعة تريد أن تحقِّق تعاملاً اجتماعيًّا ناجحًا بين أفرادها لتحقيق أهدافها"، وما يتعلَّق باختيار لفظ السِّمات في الدِّراسة بدلاً من الصِّفات فقد ظهر بأنَّ "الصِّفة أكثر عموميَّة من السِّمة، إذ الصِّفة تعني الحالة التي يكون عليها الشَّيء، أمَّا السِّمة فتعني العلامة المميِّزة (أو المميَّزة)"؛ ومن هنا فضِّل استعمال كلمة السِّمات لأنَّها أكثر دقَّة في الدَّلالة على المعنى المقصود في البحث، ولأنَّ السِّمات الشَّخصيَّة أحد المعايير الثَّابتة في اختيار القادة الأكفَّاء.
كما عرِّفت القيادة بنصٍّ جامعٍ لمعانٍ وردت في العديد من التَّعريفات المعتمدة في المصادر والمراجع، فجاء القول بأنَّ "قيادة العمليَّة التَّربويَّة والتَّعليميَّة هي عمليَّة الإرشاد والتَّوجيه والتَّأثير في سبيل إثارة اهتمام وإطلاق طاقات المتعلِّمين، وحثِّهم للسَّير في الاتِّجاهات المرغوبة والموحَّدة، والتَّعاون لتحقيق الأهداف المرسومة والمرجوَّة، بروحٍ معنويَّة ومسؤوليَّة عالية".
جاءت السِّمات ملخَّصة بعدد من العبارات التي استُخدمت فيما بعد في استصراح العيِّنة، وهي: العدالة والأمانة (المساواة، القيام بالواجبات، القدوة وتطبيق المطلوب، التَّحضير، الرِّعاية)، القوَّة والقدرة (الحيويَّة والنَّشاط، تطبيق الأنظمة، المعرفة والثَّقافة، العلم والخبرة)، الشُّورى (الاستجابة للرَّغبات، الأخذ بالرَّأي)، الحزم، اللِّين، التَّواضع، العفو، الصِّدق، الصَّبر وعدم اليأس، القدرة على التَّفاوض والإقناع، كتمان السِّرِّ، السَّخاء والجود والإيثار، الاهتمام بالمظهر وحسن التَّرتيب، وأخيرًا القدوة الحسنة.
وورد حول الدَّافعيَّة من الوجهة التَّربويَّة بأنَّها "هدف تربويُّ في ذاتها، ووسيلة يمكن استخدامها في سبيل إنجاز الأهداف التَّربويَّة الهامَّة التي ينشدها أيُّ نظام تربويٍّ"، وبأنَّ لها "تأثير كبير وعلاقة مباشرة مع سلوك المتعلِّمين وتعلُّمهم حيث يمكن تلمُّس عدَّة آثار مفيدة لها في تعلُّمهم وسلوكهم، وتشمل: توجيه السُّلوك نحو هدف، تركيز الجهد والطَّاقة، المبادرة إلى النَّشاط، تنمية معالجة المعلومات، تحديد الآثار المعزِّزة، أداء أفضل".


وعرِّفت الدَّافعيَّة بكونها "عبارة عن مجموعة قوى ومحرِّكات داخليَّة تقوى أو تضعف بفعل ارتباطها بعوامل خارجيَّة أو داخليَّة يطلق عليها الحوافز، وغاية الدَّافعيَّة تفعيل أو توليد وتوجيه السُّلوكيَّات الإنسانيِّة ودفعها لتحقيق هدفٍ معيَّن"، واعتمِد في الدِّراسة أبعاد ثلاثة للدَّافعيَّة بإجراءاتها التي تمَّت صياغتها بعبارات واضحة للمستصرحين:


البعد الأوَّل: خلق الاهتمام لدى المتعلِّم نحو موضوع التَّعليم، ومن إجراءاته: إدخال عنصر الجِدَّة (أي التَّجديد)، الإثارة المعرفيَّة أو حب الاستطلاع أو طرح سؤال معيَّن، أو الحديث عن شيء غير مألوف، أو إثارة التَّساؤل لديهم، التَّنويع (نبرات الصَّوت والحركات، الأنشطة)، إظهار الاهتمام والرَّغبة نحو تعلُّم المزيد.


البعد الثَّاني: ملاءمة المحتوى لدوافع التَّعلُّم، ومن إجراءاته: ربط الأهداف بحاجات ودوافع المتعلِّمين، الميل إلى المنافسة، تحمُّل المسؤوليَّة، الرَّغبة في العمل الجماعيِّ أو التَّعاونيِّ، العمل على تعزيز الأدوار القياديَّة وتحمُّل المسؤوليَّة، تبسيط وتوضيح المفاهيم والمعارف.


البعد الثَّالث: تعزيز الثِّقة الذَّاتيَّة لدى المتعلِّمين، ومن إجراءاته: تزويد المتعلِّم بمتطلِّبات التَّعلُّم القبليَّة ومساعدتهم على تذكُّر التَّعلُّم السَّابق، تمكين المتعلِّم من السَّيطرة على البيئة التَّعليميَّة، إدخال عنصر المرح والتَّشويق والفكاهة، التَّنويع في المهارات والمهمَّات التَّعليميَّة، عزو النَّجاح لجهود المتعلِّم، إتاحة الفرصة للمتعلِّمين في المناقشة وطرح الأسئلة، تزويد المتعلِّمين بالتَّغذية الرَّاجعة المناسبة، تبديد مشاعر الخوف والقلق من الفشل، وتشجيعهم على استخدام أخطائهم وفشلهم بشكل بنَّاء.


وقد عولجت العلاقة بين سمات القائد والدَّافعيَّة من النَّاحية النَّظرية، بتحليل علاقة السِّمات مع الأبعاد الثَّلاثة للدَّافعيَّة؛ فقيام القائد بدوره بالشَّكل المطلوب، بث الرُّوح المعنويَّة، جعل المتعلِّمين متعاونين برغبة وشوق، مستمعين، مساهمين، ومتفاعلين، يخلق لدى المتعلِّمين اهتمامًا فيما يتلقَّونه من موضوع التَّعليم، ومن ناحية أخرى هو ميسِّر للوصول إلى المحتوى والأهداف المنشودة، يعمل كمرشد وموجِّه مؤثِّر في نشاط المتعلِّمين جماعة وفرادى، ويسخِّر طاقاته لجعلهم متعاونين، وإشباع حاجاتهم واتِّجاهاتهم، وتنمية شخصيَّاتهم، وتحقيق رغباتهم وميولاتهم، وحفزهم على الاستمرار في المشاركة، وضمان بقائهم على الإنجاز والإيمان بالأهداف، وتفسير علاقة السِّمات بتعزيز الثِّقة الذَّاتيَّة لدى المتعلِّمين تأتي من خلال النَّظرة للقيادة بأنَّها القدرة على التَّأثير في الأفراد، فالتَّأثير يعني التَّفاعل بين القائد والمتعلِّم، وإطلاق طاقات الأفراد، وبثِّ روح المعنويَّة فيهم، وكسب طاعتهم واحترامهم وولائهم، وتوزيع نشاطهم، ونشر العلاقات الإنسانيَّة الطِّيِّبة فيما بينهم، واهتمام وتفهُّم لمشاعرهم، وعلاقة الودِّ والصَّداقة، فالقيادة يعني الثِّقة المتبادلة.


لا بدَّ في نهاية الأمر من توفُّر السِّمات الشَّخصيَّة لنجاح العمليَّة القياديَّة المطلوبة، هذه السِّمات تجعل تأثير القيادة فعَّالاً ومرتفعًا لدى المتعلِّمين المقودين، وهذا التَّأثير متعدِّد الاتِّجاهات والأنحاء، وقد تكون لسمة واحدة لدى القائد الأثر البالغ في إثارة الدَّافعيَّة بجميع أبعادها؛ ولذا هناك صعوبة في إيجاد الفوارق بين الأثر لأيِّ سمة من السِّمات على كلٍّ من أبعاد الدَّافعيَّة.


و سيتمُّ الكلام في الفصل الثَّالث عن مجتمع الدِّراسة والعيِّنة ومنهجيِّة الدِّراسة وأدواتها، وتناول مسألة التَّأكُّد من صدق أداة الدِّراسة وثباتها.

 

منهجيَّة الدِّراسة:


يعتبر "المنهج الوصفيُّ التَّحليليُّ" أحد مناهج البحث العلميِّ كالمنهج التَّاريخي وغيره، فالمنهج العلميُّ أسلوب للتَّفكير والعمل يعتمد لتنظيم الأفكار وتحليلها وعرضها، وبالتَّالي الوصول إلى نتائج وحقائق معقولة حول موضوع الدِّراسة، ويرتبط تحديد الأسلوب والمنهج العلميِّ المستخدم والمطبَّق بموضوع ومحتوى الدِّراسة، وهو يختلف باختلاف الدِّراسات وخصائصها وموضوعاتها.
إنَّ موضوع الدِّراسة والبحث الذي بصدد إنهائه يتركَّز على دراسة العلاقة بين سمات القياديَّة الدَّافعيَّة بأبعادٍ ثلاثةٍ منها، الأمر الذي استلزم اتِّباع وإجراءات جمع المعلومات وتنظيمها، ثمَّ تحليلها وتفسيرها؛ ليُصار إلى استخلاص النَّتائج ووضع التَّوصيات واقتراحها للمستقبل؛ وهذا يؤكِّد ضرورة استخدام "المنهج الوصفيُّ التَّحليليُّ" في البحث كونه "يستخدم في دراسة الأوضاع الرَّاهنة للظَّواهر من حيث خصائصها، أشكالها، علاقاتها، والعوامل المؤثِّرة في ذلك، ...، ويقوم المنهج الوصفيُّ على رصد ومتابعة دقيقة لظاهرة أو حدث معيَّن بطريقة كمِّيَّة أو نوعيَّة في فترة زمنيَّة معيَّنة أو عدَّة فترات؛ من أجل التَّعرُّف على الظَّاهرة أو الحدث من حيث المحتوى والمضمون، والوصول إلى نتائج وتعميمات تساعد على فهم الواقع وتطويره" .
واشتملت الدِّراسة على خطوات الطَّريقة العلميَّة التي لا يختلف المنهج الوصفيُّ عن غيرها في تطبيقها، فكانت خطوة تحديد المشكلة وصياغتها، وضع الفروض، تحديد البيانات والمعلومات، تحديد الأدوات، جمع المعلومات وتنظيمها، التَّحليل والتَّفسير، ووضع التَّوصيات المناسبة؛ وبهذا تصبح الدِّراسة تشمل كامل العمليَّات التي يتمثَّل بها المنهج الوصفيُّ لاستخلاص الحقائق والتَّعميمات الجديدة التي تساهم في تراكم وتقدُّم المعرفة حول موضوع الدِّراسة.

 

نتائج الدِّراسة:


توصَّلت الدِّراسة إلى نتائج منها ما هو على المستوى العام، ومنها ما هو خاصٌّ مرتبط بأسئلة الدِّراسة وإشكاليَّاتها، تُستعرض وفق ما سيأتي. 
أ. النَّتائج العامَّة:
أجريت فيما مرَّ _قبل الإجابة عن أسئلة الدِّراسة_ اختبارات عدَّة للتَّأكُّد من صدق وثبات أداة الدِّراسة، وبعض التَّحليلات للبيانات التي جرى تجميعها، وأظهرت هذه الاختبارات والتَّحليلات نتائج عامَّة يأتي ملخَّصها وفق الآتي:

  1. جميع عبارات الاستبانة مرتبطة مع محورها التي تنتمي إليه، وتتراوح درجة هذا الارتباط بين متوسِّط وقوي؛ الأمر الذي يدلُّ على ترابطها وتناسقها مع بعضها البعض.
  2. جميع محاور الاستبانة مرتبطة مع الدَّرجة الكلِّيَّة للمحاور، وتتراوح درجة هذا الارتباط بين قويٍّ  وقويٍّ جدًّا؛ الأمر الذي يدلُّ على أنَّ صدق بناء الاستبانة قويٌّ ومتين.
  3. جاءت درجة ثبات الاستبانة _ككلٍّ_ مرتفعة حيث وصلت إلى 0.958 بما يعادل 96%، كما أنَّ درجة ثبات محاورها _كلٍّ على حدة_ جاءت مرتفعة وبدأت من 0.847 بما يعادل 85%.
  4. أعلى مستوى مشاركة من العيِّنة هي للعمر 15 سنة حيث بلغت 74.10% منها.
  5. النِّسبة الأعلى من العيِّنة هي من الثَّانويِّين حيث بلغت 61.45%، وهذا مؤشِّر جيِّد يعطي قيمة إضافيَّة ومميِّزة للدِّراسة.
  6. الأغلبيَّة من العيِّنة هم من المنتسبين لأكثر من 3 سنوات للجمعيَّة، حيث أنَّ النِّسبة الأعلى هي للذين كان عملهم بين 3 و5 سنوات حيث بلغت 39.76%.
  7. لا يوجد فروق معنويَّة ذات دلالة إحصائيَّة بين متوسِّطات الإجابات على محاور ومتغيِّرات الاستبانة بالمقارنة مع المتغيِّرات الدَّخيلة الثَّلاثة (العمر، المستوى العلمي، وسنوات العمل)؛ وبالتَّالي لا تأثير لتلك المتغيِّرات الدَّخيلة على أجوبة أفراد العيِّنة؛ وبهذا يمكن تعميم النَّتائج بغضِّ النَّظر عن أيٍّ من هذه المتغيِّرات.
  8. جاءت قيمة 91.95% للمعدَّل العام _لتكرارات العبارات_ ودرجة "دائمًا" الذي حصل عليها المحور الأوَّل لتشير على موافقة العدد الأكبر من أفراد العيِّنة على توفُّر سمات القائد لدى قادة عشائر الجوَّالة.
  9. جاءت قيمة 91.12% للمعدَّل العام _لتكرارات العبارات_ ودرجة "دائمًا" الذي حصل عليها المحور الثَّاني لتشير على موافقة العدد الأكبر من أفراد العيِّنة على سعي قادة عشائر الجوَّالة لإيجاد الدَّافعيَّة لديهم من خلال البُعد الأوَّل لها وهو "خلق الاهتمام لدى المتعلِّم نحو موضوع التَّعليم".
  10. جاءت قيمة 88.73% للمعدَّل العام _لتكرارات العبارات_ ودرجة "دائمًا" الذي حصل عليها المحور الثَّالث لتشير على موافقة العدد الأكبر من أفراد العيِّنة على سعي قادة عشائر الجوَّالة لإيجاد الدَّافعيَّة لديهم من خلال البُعد الثَّاني لها وهو "ملاءمة المحتوى لدوافع التَّعلُّم".
  11. جاءت قيمة 99.22% للمعدَّل العام _لتكرارات العبارات_ ودرجة "دائمًا" الذي حصل عليها المحور الرَّابع لتشير على موافقة العدد الأكبر من أفراد العيِّنة على سعي قادة عشائر الجوَّالة لإيجاد الدَّافعيَّة لديهم من خلال البُعد الثَّالث لها وهو "تعزيز الثِّقة الذَّاتيَّة لدى المتعلِّمين".
  12. وجود علاقة إيجابيَّة بين متوسِّطة وقويَّة ذات دلالة إحصائيَّة بين المتغيِّر المستقل وأبعاد المتغيِّر التَّابع، وبين المتغيِّر المستقل والمتغيِّر التَّابع نفسه.
  13. وجود علاقة إيجابيَّة بين متوسِّطة وقويَّة ذات دلالة إحصائيَّة بين أبعاد المتغيِّر التَّابع.
  14. وجود علاقة إيجابيَّة بين قويَّة وقويَّة جدًّا ذات دلالة إحصائيَّة بين المتغيِّر التَّابع وأبعاده.
  15. وصلت نسبة تأثير سمات القائد على بُعد خلق الاهتمام لدى المتعلِّم نحو موضوع التَّعليم إلى 60.7%.
  16. وصلت نسبة تأثير سمات القائد على بُعد ملاءمة المحتوى لدوافع التَّعلُّم إلى 33%.
  17. وصلت نسبة تأثير سمات القائد على بُعد تعزيز الثِّقة الذَّاتيَّة لدى المتعلِّمين إلى 62.8%.
  18. وصلت نسبة تأثير المتغِّير المستقل (سمات القائد) على المتغيِّر التَّابع (الدَّافعيَّة) إلى 64.9%، وهي نسبة جيِّدة ومهمَّة.

 

ب. النَّتائج المرتبطة بأسئلة الدِّراسة:
بعد إجراء اختبارات التَّأكُّد من صدق وثبات أداة الدِّراسة، والتَّحليلات للبيانات، نأتي إلى النَّتائج المرتبطة بأسئلة الدِّراسة وفق ما سيأتي، وذلك بعد أن تمَّ رفض الفرضيَّة العدميَّة الصِّفريَّة:

  1. يوجد علاقة إيجابيَّة قويَّة ذات دلالة إحصائيَّة على مستوى أقلَّ من 0.05 بين سمات قائد عشيرة الجوَّالة وخلق الاهتمام نحو تعلُّم البرامج التَّربويَّة الكشفيَّة (البُعد الأوَّل للدَّافعيَّة) لدى الكشفيِّين الذُّكور بأعمار 15 حتَّى 17 سنة من وجهة نظرهم في جمعيَّة كشَّافة الإمام المهديِّ(عجَّل الله فرجه) على صعيد بيروت.
  2. يوجد علاقة إيجابيَّة قويَّة ذات دلالة إحصائيَّة على مستوى أقلَّ من 0.05 بين سمات قائد عشيرة الجوَّالة وملاءمة المحتوى لدوافع التَّعلُّم في البرامج التَّربويَّة الكشفيَّة (البُعد الثَّاني للدَّافعيَّة) لدى الكشفيِّين الذُّكور بأعمار 15 حتَّى 17 سنة من وجهة نظرهم في جمعيَّة كشَّافة الإمام المهديِّ(عجَّل الله فرجه) على صعيد بيروت.
  3. يوجد علاقة إيجابيَّة قويَّة ذات دلالة إحصائيَّة على مستوى أقلَّ من 0.05 بين سمات قائد عشيرة الجوَّالة وتعزيز الثِّقة الذَّاتيَّة ضمن البرامج التَّربويَّة الكشفيَّة (البُعد الثَّالث للدَّافعيَّة) لدى المتعلِّمين الكشفيِّين الذُّكور بأعمار 15 حتَّى 17 سنة من وجهة نظرهم في جمعيَّة كشَّافة الإمام المهديِّ(عجَّل الله فرجه) على صعيد بيروت.
  4. يوجد علاقة إيجابيَّة قويَّة ذات دلالة إحصائيَّة على مستوى أقلَّ من 0.05 بين سمات قائد عشيرة الجَّوالة والدَّافعيَّة لدى الكشفيِّين الذُّكور بأعمار 15 حتَّى 17 سنة نحو البرامج التَّربويَّة الكشفيَّة من وجهة نظرهم في جمعيَّة كشَّافة الإمام المهديِّ(عجَّل الله فرجه) على صعيد بيروت.

أضيف بتاريخ :2020/01/30 - آخر تحديث : 2022/11/22 - عدد قراءات المقال : 10456

الكلمات المفتاحية : دراسات ملخص منهجية